وهتك حريمه؟! إنّ الله تعالى وإن لم يمسخهم في الدنيا ، فإنّ المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب هذا المسخ.
فقيل : يا ابن رسول الله ، فإنّا قد سمعنا مثل هذا الحديث ، فقال لنا بعض النصّاب : فإن كان قتل الحسين باطلا ، فهو أعظم من صيد السّمك في السبت ، أفما كان يغضب الله على قاتليه كما غضب على صيّادي السمك؟!
قال علي بن الحسين عليهالسلام : قل لهؤلاء النصّاب : فإن كان إبليس معاصيه أعظم من معاصي من كفر بإغوائه ، فأهلك الله من شاء منهم كقوم نوح وقوم فرعون ، فلم لم يهلك إبليس لعنه الله ، وهو أولى بالهلاك؟ فما باله أهلك هؤلاء الذين قصروا عن إبليس لعنه الله في عمل الموبقات ، وأمهل إبليس مع إيثاره لكشف المخزيات؟ ألا كان ربّنا عزوجل حكيما وتدبيره حكمة فيمن أهلك وفيمن استبقى ، وكذلك هؤلاء الصائدون في السّبت ، وهؤلاء القاتلون للحسين عليهالسلام ، يفعل في الفريقين ما يعلم أنّه أولى بالصّواب والحكمة ، (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ)(١).
ثمّ قال عليّ بن الحسين عليهالسلام : أمّا إنّ هؤلاء الذين اعتدوا في السّبت ، لو كانوا حين همّوا بقبيح أفعالهم ، سألوا ربّهم بجاه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وآله الطيّبين أن يعصمهم من ذلك لعصمهم ، وكذلك الناهون لهم لو سألوا الله عزوجل أن يعصمهم بجاه محمد وآله الطيّبين لعصمهم ، ولكنّ الله عزوجل لم يلهمهم ذلك ، ولم يوفّقهم له ، فجرت معلومات الله تعالى فيه على ما كانت مسطّرة في اللوح المحفوظ.
وقال الباقر عليهالسلام : فلمّا حدّث عليّ بن الحسين عليهالسلام بهذا الحديث ،
__________________
(١) الأنبياء : ٢٣.