المواعظ ، فيتّقون هذه الموبقة ، ويحذرون عقوبتها.
قال الله عزوجل : (فَلَمَّا عَتَوْا) حادوا وأعرضوا وتكبّروا عن قبوله الزّجر (عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ)(١) مبعدين عن الخير ، مقصين (٢).
قال : فلما نظر العشرة آلاف والنيّف أنّ السبعين ألفا لا يقبلون مواعظهم ، ولا يحفلون (٣) بتخويفهم إيّاهم وتحذيرهم لهم ، اعتزلوهم إلى قرية أخرى قريبة من قريتهم ، وقالوا : نكره أن ينزل بهم عذاب الله ، ونحن في خلالهم ، فأمسوا ليلة ، فمسخهم الله تعالى كلّهم قردة ، وبقي باب المدينة مغلقا لا يخرج منه أحد ، ولا يدخل أحد.
وتسامع بذلك أهل القرى فقصدوهم ، وتسنّموا (٤) حيطان البلد ، فاطّلعوا عليهم ، فإذا كلّهم رجالهم ونساؤهم قردة ، يموج بعضهم في بعض ، يعرف هؤلاء الناظرون معارفهم وقراباتهم وخلطاءهم ، يقول المطّلع لبعضهم : أنت فلان أنت فلانة؟ فتدمع عينه ، ويومىء برأسه أن نعم.
فما زالوا كذلك ثلاثة أيّام ، ثمّ بعث الله عزوجل عليهم مطرا وريحا فجرفهم إلى البحر ، وما بقي مسخ بعد ثلاثة أيّام ، وإنّما الذين ترون من هذه المصوّرات بصورها فإنّما هي أشباهها ، لا هي بأعيانها ، ولا من نسلها.
ثمّ قال عليّ بن الحسين عليهالسلام : إنّ الله تعالى مسخ هؤلاء لاصطياد السمك ، فكيف ترى عند الله عزوجل يكون حال من قتل أولاد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) الأعراف ٧ : ١٦٦.
(٢) المقصى : المبعد. «الصحاح ـ قصا ـ ٦ : ٢٤٦٢».
(٣) لا يحفل : لا يبالي. «الصحاح ـ حفل ـ ٤ : ١٦٧١».
(٤) تسنّمه : علاه. «الصحاح ـ سنم ـ ٥ : ١٩٥٥».