المشركون من الدخول بعد عامهم ذلك إلى حرم الله ، وكانوا عددا كثيرا وجمّا غفيرا ، غشّاه الله نوره ، وكساه فيهم هيبة وجلالا ، لم يجسروا معها على إظهار خلاف ولا قصد بسوء ـ قال ـ : ولك قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ).
وهي مساجد خيار المؤمنين بمكّة ، لمّا منعوهم من التعبّد فيها بأن ألجؤوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الخروج عن مكّة (وَسَعى فِي خَرابِها) خراب تلك المساجد لئلّا تعمر بطاعة الله ، قال الله تعالى : (أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) أن يدخلوا بقاع تلك المساجد في الحرم إلا خائفين من عذاب وحكمه النافذ عليهم ، إن يدخلوها كافرين ، بسيوفه وسياطه (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) وهو طرده إيّام عن الحرام ، ومنعهم أن يعودوا إليه (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)(١).
س ٩٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) (١١٥) [البقرة : ١١٥]؟!
الجواب / وردت روايات عديدة في شأن هذه الآية الكريمة نذكر منها ما ورد عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام حيث قال : «أنزل الله هذه الآية في التطوّع خاصة (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) وصلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إيماء على راحلته أينما توجّهت به حين خرج إلى خيبر ، وحين رجع من مكّة ، وجعل الكعبة خلف ظهره» (٢).
__________________
(١) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ٥٥٤ / ٣٢٩ و ٥٥٨ / ٣٣٠.
(٢) تفسير العياشي : ١ : ٥٦ / ٨٠.