فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك للملائكة ، ثمّ قال : يا ملائكة ربّي ، اكتبوا ما سمعتم من هذه القصّة في أكتاف ، واجعلوا في كمّ (١) كلّ واحد منهم كتفا من ذلك.
ثمّ قال : معاشر المسلمين ، تأمّلوا أكمامكم وما فيها ، وأخرجوه وأقرءوه ، فتأمّلوها فإذا في كمّ كلّ واحد منهم صحيفة ، قرأها ، وإذا فيها ذكر ما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك سواء ، لا يزيد ولا ينقص ، ولا يتقدّم ولا يتأخّر.
فقال : أعيدوها في أكمامكم تكن حجّة عليكم ، وشرفا للمؤمنين منكم ، وحجّة على أعدائكم ، فكانت معهم ، فلمّا كان يوم بدر جرت الأمور كلّها ببدر ، ووجدوها كما قال لا تزيد ولا تنقص ، ولا تتقدّم ولا تتأخّر ، قابلوا بها ما في كتبهم فوجدوها كما كتبته الملائكة فيها ، لا تزيد ولا تنقص ، ولا تتقدّم ولا تتأخّر ، فقبل المسلمون ظاهرهم ، ووكلوا باطنهم إلى خالقهم.
فلمّا أفضى بعض هؤلاء اليهود إلى بعض ، قال : أيّ شيء صنعتم؟ أخبرتموهم (بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ) من الدلالات على صدق نبوّة محمّد ، وإمامة أخيه علي (لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ) بأنكم كنتم قد علمتم هذا وشاهدتموه ، فلم تؤمنوا به ولم تطيعوه ، وقدّروا بجهلهم أنّهم إن لم يخبروهم بتلك الآيات لم يكن له عليهم حجّة في غيرها.
ثمّ قال عزوجل : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أنّ هذا الذي تخبرونهم به ممّا فتح الله عليكم من دلائل نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم حجّة عليكم عند ربّكم؟!
قال الله تعالى : (أَوَلا يَعْلَمُونَ) ـ يعني أولا يعلم الناس القائلون
__________________
(١) الكم : الردن. «مجمع البحرين ـ كمم ـ ٦ : ١٥٩».