بحجّتك ، وتأمرهم أن يدعوا على الكاذب ، ليمتنعوا من الدّعاء ، ويبيّن للضعفاء أنّهم هم الكاذبون.
ثمّ قال : يا محمّد (وَلَتَجِدَنَّهُمْ) يعني تجد هؤلاء اليهود (أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) وذلك ليأسهم من نعيم الآخرة ، لانهماكهم في كفرهم ، الذين يعلمون أنّهم لا حظّ لهم معه في شيء من خيرات الجنّة.
(وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) قال تعالى : هؤلاء اليهود (أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) وأحرص (مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) على حياة ـ يعني المجوس ـ لأنّهم لا يرون النعيم إلّا في الدنيا ، ولا يأملون خيرا في الآخرة ، فلذلك هم أشدّ النّاس حرصا على حياة.
ثم وصف اليهود فقال : (يَوَدُّ) يتمنّى (أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ) التعمير ألف سنة (بِمُزَحْزِحِهِ) بمباعده (مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ) تعميره.
وإنّما قال : (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ) ولم يقل : (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ) فقط ، لأنه لو قال : وما هو بمزحزحه من العذاب والله بصير ، لكان يحتمل أن يكون (وَما هُوَ) يعني ودّه وتمنّيه (بِمُزَحْزِحِهِ) فلمّا أراد وما تعميره ، قال : (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ)(١) ثم قال : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) فعلى حسبه يجازيهم ، ويعدل فيهم ولا يظلمهم» (٢).
__________________
(١) هو : كناية عن أحدهم الذي جرى ذكره ، أن يعمّر : في موضع رفع بأنه فاعل تقديره : وما أحدهم بمزحزحه من العذاب تعميره. كما يقال : مررت برجل معجب قيامه. أنظر «مجمع البيان للطبرسي ١ : ٣٢٢».
(٢) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ٤٤٢ / ٢٩٤.