فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للفتى : يا فتى آمن بالذي أغاثك من بلائك. قال الفتى : قد آمنت ، وحسن إيمانه.
فقال أبوه : يا محمّد ، ظلمتني وذهبت منّي بابني ، ليته كان أجذم وأبرص كما كان ولم يدخل في دينك ، فإن ذلك كان أحبّ إليّ.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لكنّ الله عزوجل قد خلّصه من هذه الآفة ، وأوجب له نعيم الجنّة.
قال أبوه : يا محمّد ، ما كان هذا لك ولا لصاحبك ، إنّما جاء وقت عافيته فعوفي ، وإن كان صاحبك هذا ـ يعني عليّا عليهالسلام ـ مجابا في الخير ، فهو أيضا مجاب في الشرّ ، فقل له يدعو عليّ بالجذام والبرص ، فإنّي أعلم أنّه لا يصيبني ، ليتبيّن لهؤلاء الضعفاء الذي قد اغتّروا بك أنّ زواله عن ابني لم يكن بدعائه.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا يهوديّ ، اتّق الله ، وتهنّأ بعافية الله إيّاك ، ولا تتعرّض للبلاء ولما لا تطيقه ، وقابل النعمة بالشّكر ، فإنّ من كفرها سلبها ، ومن شكرها امترى (١) مزيدها.
فقال اليهوديّ : من شكر نعم الله تكذيب عدوّ الله المفتري عليه ، وإنّما أريد بهذا أن أعرّف ولدي أنّه ليس ممّا قلت له وادّعيته قليل ولا كثير ، وأنّ الذي أصابه من خير لم يكن بدعاء عليّ صاحبك. فتبسّم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال : يا يهوديّ ، هبك قلت أنّ عافية ابنك لم تكن بدعاء عليّ ، وإنّما صادف دعاؤه وقت مجيء عافيته ، أرأيت لو دعا عليك عليّ بهذا البلاء الذي اقترحته فأصابك ، أتقول : إنّ ما أصابني لم يكن بدعائه ، ولكن لأنّه صادف دعاؤه
__________________
(١) الريح تمري السّحاب : أي تستدرّه. «الصحاح ـ مرا ـ ٦ : ٢٤٩١».