العقل ، وأما الشرع (إن كان هو) أي مأخذ التخيير (العقل) قوله (الحاكم) صفة للعقل (بأن عدم امكان الجمع في العمل) لأجل تكافؤ الدليلين (لا يوجب) طرح كليهما ، بل لا يوجب (إلّا طرح البعض) لأن الميسور لا يسقط بالمعسور ، وما لا يدرك كله لا يترك كله ، ولكن بعد ما علم اجمالا أنه يجب العمل بأحدهما (فهو) أي العقل (لا يستقل بالتخيير في المأخوذ والمطروح) بأن يأخذ ما شاء ، ويطرح كذلك (الا بعد) احراز تكافئهما و (عدم مزية في احدهما) التي (اعتبرها الشارع في العمل و) من المعلوم : أن (الحكم بعدمها) أي المزية (لا يمكن إلّا بعد) الفحص و (القطع بالعدم) أي بعدم المزية (أو الظن المعتبر) بعدم المرجح كقيام البينة ـ مثلا ـ بتساوي الراويين في العدالة ، والصدق ونحوهما ، فإن العقل لا يستقل بالتخيير قبل الفحص عن المرجحات من أصدقية الراوي ، أو أشهرية الرواية ، ونحوهما ، كما أنه لا يستقل بقبح كذب الضار إلّا إذا كان موضوعه باقيا ، فإن تبدل بنفع كانجاء مؤمن مثلا فالعقل لا يحكم بقبحه (او اجراء اصالة العدم) بمعنى أنه لا يمكن الحكم بعدم المزية الا بعد اجراء اصالة العدم (التي لا تعتبر فيما) أي في موضوع (له) أي الموضوع (دخل في الأحكام الشرعية الكلية ، إلا بعد الفحص التام) بمعنى : أن أصل العدم أيضا بلا فحص عن الثبوت لا تجري (مع أن أصالة العدم لا يجدي في استقلال العقل بالتخيير ، كما لا يخفى) لأن أصالة العدم لا ترفع الشك ، حتى يحكم العقل بالتخيير (وان كان مأخذه) أي مأخذ التخيير (الاخبار ، فالمتراءى منها) أي الاخبار (من حيث سكوت بعضها عن جميع المرجحات) كقوله عليهالسلام : بأيهما أخذتم من باب التسليم وسعكم (١) (وان كان جواز الأخذ بالتخيير ابتداء ، إلا أنه يكفي في تقييدها) أي الاخبار (دلالة بعضها الآخر على وجوب الترجيح ببعض المرجّحات المذكورة فيها المتوقف على الفحص عنها) أي المرجحات بمعنى
__________________
(١) الوسائل : الجزء ١٨ ص ـ ٨٠. (الرواية : ١٩).