فكما أنه لا يجوز العمل بأصل البراءة ، والاستصحاب ، والاشتغال ، قبل الفحص عن الدليل ، ولا يجوز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص.
كذلك لا يجوز العمل بالتخيير قبل الفحص عن المرجح.
فالجاهل في الموارد الثلاثة الفحص غير معذور ، فإن من حكم عليه بالتخيير قيد موضوعه بعدم وجود المرجح ، ولا بد من احراز الموضوع ولا يكون إلا بالفحص وعدم الظفر.
(هذا مضافا إلى الاجماع القطعي بل الضرورة) (١) على وجوب الفحص (من كل من يرى وجوب العمل بالراجح من الامارتين) ولا يلتزم باستحبابه ، كما اختاره السيّد الصدر وصاحب الكفاية قدهما (فان الخلاف وان وقع عن جماعة في وجوب العمل بالراجح من الامارتين وعدم وجوبه) أي عدم وجوب العمل بالراجح (لعدم اعتبار الظن في أحد الطرفين) من المتعارضين (إلّا أن من أوجب العمل بالراجح) كما هو المختار (أوجب الفحص عنه) أي الراجح (ولم يجعله) أي وجوب الترجيح (واجبا مشروطا بالاطلاع عليه) أي على المرجح كان يكون وجوب الترجيح إذا اتفق الظفر به أي بالمرجح ، وليس كذلك ، بل المراد من وجوب الترجيح الوجوب المطلق.
بمعنى أنه يجب الفحص عن المرجح ، ثم الترجيح أن وجد ، وإلّا فالتخيير ، فقبل الفحص لا يجوز العمل بأحد المتعارضين (وحينئذ) أي حين عدم كونه من قبيل الواجب المشروط (فيجب على المجتهد ، الفحص التام عن وجود المرجح لاحدى الامارتين) فإن لم يجد مرجحا فيتخير بأخذ ما شاء منهما.
__________________
(١) فرق بين الضرورة والاجماع ، فإن الضرورة امر مشترك بين العوام والخواص ، كحرمة شرب الخمر ووجوب الصلاة والصوم ونحو ذلك ، والاجماع هو الذي لا يعرفه إلّا الخواص كحلية بيضة الدجاجة الميتة مثلا بعد تغسيله راجع الوسائل : الجزء ١٦ ص ـ ٣٦٦ (الرواية : ٨ و ١٢).