تماميتها بأنّ غاية ما يثبت إنما هي المنع منها في القاضي المنصوب خصوصا أو عموما.
وأما قاضي التحكيم الذي هو المفروض في صدر الرواية كما يقتضيه قول السائل : فإن كان كل رجل يختار رجلا ، فلم يقم دليل على عدم جواز تعدده ، ولا على عدم جواز اجتهاد المترافعين بعد تعارض حكمهما ولا على عدم جواز اختيار المنكر من شاء أيضا ، فالأمور المذكورة على تقدير لزومها لا محذور فيها ، بل يمكن التمسك على جوازها بصدر الرّواية هذا.
مضافا إلى عدم لزوم بعضها أيضا ـ كتعدّد الحكمين ـ فلأن الظاهر من الرواية فرض السؤال عن تراض المتخاصمين بكون كلا الشخصين معا حكما فيما بينهما بأن يحكم كل منهما باستصواب الآخر لا كونه حكما مستقلا مستندا برأيه ، نظرا إلى قول الراوي : فرضيا ، أن يكون الناظرين في حقّهما وقوله : فإن كان كلّ رجل يختار رجلا وإن كان في نفسه ظاهرا في تعدّد الحكمين ، لكنه بقرينة ما ذكر ، محمول على اختيار كل منهما رجلا برأسه في أوّل الأمر ، ثمّ بنيا على كونهما معا حكما لا يجوز أن يحكم واحد منهما مخالفا لما حكم به الآخر.
وأمّا ما ذكره قده من لزوم ـ غفلة الحكمين ـ عن المعارض لمدرك حكمه يمكن منع اللزوم بأنّ فتوى كلّ منهما على خلاف الآخر ، لعلّه لاطلاعه على قدح في مستند حكم الآخر ، ولم يطلع الآخر عليه في صدوره تقية ، أو غيره من القوادح لا لغفلته عنه رأسا.
ويمكن دفعه بوجه آخر : بأنه لا يعتبر في المجتهد الوقوف على جميع مدارك المسألة وأخبارها ، ولا على جميع الوجوه المعتبرة في الترجيح واقعا ، لجواز عدم بلوغ البعض إليه أو غفلة عنه ، كما اتفق ذلك في حقّ جماعة من أصحابنا كما يظهر بالتتبع ، ووجوب التنبيه على ذلك ممنوع.
مع أنّ اطلاع الحاكم على الرّواية المعارضة لما يعمل به عند غيره ، لا