استحباب صلاة الجمعة في عصر الغيبة والآخر حرمتها ، وكلاهما مخالف للعامة (فكيف اصنع؟ قال عليهالسلام : إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك ، واترك الآخر ، قلت : أنّهما معا موافقان للاحتياط) كما في العلم الاجمالي بحرمة أحد الشيئين أو وجوب أحدهما كالشبهة المحصورة كما في القصر والاتمام (أو مخالفان له) أي للاحتياط كوجوب الجمعة ووجوب الظهر ، لأنّ كلّ خبر دلّ على وجوب الجمعة معناه تعيّنه والاكتفاء به ، وهكذا وجوب الظهر ، وكلاهما مخالف للاحتياط (فكيف أصنع؟ فقال) عليهالسلام (إذن فتخيّر أحدهما فتأخذ به ودع الآخر) وفي رواية أنه (ع) قال : إذن فارجه حتى تلقى أمامك : فتسأله (١).
(الثالث) من الأخبار الواردة التي تدلّ على وجوب الترجيح (ما رواه الصدوق قده باسناده عن أبي الحسن الرضا عليه الصلاة والسّلام) ـ المروي في عيون أخبار الرضا «ع» ـ (في حديث طويل ، قال فيه : فما ورد عليكم من حديثين مختلفين فاعرضوهما) (٢) (على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب ، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوهما على سنن) ـ يجوز فيه الوجهان ، بفتح السين بمعنى الطريق ، وبضمّها جمع السنّة.
ولكنّ الأوّل هنا أولى ، وإن كان الزيارة المعروفة بأمين الله ، على الثاني ـ (رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فما كان في السنّة موجودا منهيا عنه)
__________________
(١) راجع المستدرك ج ـ ٣ (ص ـ ١٨٥). (الرواية : ٢).
(٢) القاعدة الأدبية تقتضي بأن يكون العبارة في الموضعين فاعرضوا بهما ، إذ : على ما قاله التفتازاني في شرح التصريف ما حاصله : أنّ باب الأفعال يجعل اللازم متعديا غالبا ، وقد يبقى على لزومه مثل افلح واغدّ البعير أي صار ذا غدّة ، ولكن وجد مورد أن المجرّد متعد ، وإذا دخل في باب الافعال صار لازما ، مثل كبّ وعرض ، قال الزوزني لا ثالث لهما اللهم إلّا أن يقال بأنّ الهمزة همزة الوصل لا القطع.