وهو العمل بالراجح ، لعدم جريان الأصل العملي مع وجود الدليل اللفظي ، لأن
__________________
ـ تتمة الهامش من الصفحة ١٧٦
المنصوصة فلا مجال لاجراء التخيير ، حيث أن التخيير مقيد بعدم وجود الافقهية مثلا ، وعند الشك فيها لا يجري التخيير.
وبعبارة اخرى بعد ورود المرجحات المنصوصة وتقديمها على اطلاقات التخيير يصير حاصل النتيجة الحكم بالتخيير عند فقد المرجحات يقينا ، ومع الشك في وجود مرجح ـ ولو لأجل شبهة المصداقية ـ لا يصح التمسك بالتخيير ، وهذا نظير ما إذا ورد عام مثل : أكرم العلماء ، وخصص بدليل حرمة اكرام الفاسق ، فيصير مورد التكليف وجوب اكرام العالم غير الفاسق ، فعند الشك في فسق عالم لا يجوز التمسك بعموم العام ، لأنه لم يحرز مصداقه في الخارج ، إذ : المصداق للعام المخصّص هو العالم غير الفاسق ، فكما عند الشك في علم زيد مثلا لا يجب اكرامه ، كذلك الشك في فسقه.
لكنّه مندفع بأنّ المرجّحات المنصوصة أمور معلومة بذواتها ، مثل ما اعتبر من صفات الراوي كالأفقهية والأصدقية وأمثالهما ، ومن صفات الرواية كالشهرة ونظائرها ، وهذه المرجحات أمور معلومة مبيّنة المراد واضحة المصداق ، فلا يتصور وجود مزية يشك في كونها مصداقا لاحدى المرجحات حتى يصير من قبيل المجمل ، ولا يصح التمسك بالاطلاق لدفعه.
وبعبارة أخرى : بعد ما حكم الشارع في المتعارضين بالتخيير عند فقد ما ذكره من المرجحات المعلومة المعينة فإذا وجد إحداها لزم الترجيح بها وفي صورة فقدانها جميعا الحكم هو التخيير ، هذا بناء على عدم جواز التعدي عن المنصوصات.
وأما من أراد الترجيح بغير ما ذكر من المرجحات فلا بدّ له من سلوك أحد أمرين.
الأول : أن يستنبط من نصوص المرجحات اعتبار كل مزية ، وان المذكورات ذكرت من باب المثال.
الثاني : أن يقيد مجرى اطلاقات التخيير بصورة التكافؤ ولو بالاستظهار من اطلاقاتها. ـ