المقام من قبيل الشك السببي والمسبّبي ، نظير ما إذا ورد : أعتق رقبة ، وكانت مقدّمات الحكمة مفروضة التحقّق ، فلا يصل النوبة إلى أصالة التعيين المقتضى
__________________
ـ تتمة الهامش من الصفحة ١٧٧
اللهم إلّا أن يقال : أن ما توهمه المتوهم من فرض الشك في مصداق المزايا المنصوصة ناظر إلى وجود الاجمال في بعض المرجحات بحيث يكون موردا للشك ، مثلا : إذا كان الأفقهية من المرجحات ، فهناك قد يكون رجل واسع الاطلاع كثير الاستحضار بالنسبة إلى المسائل الفرعية في سند احدى الروايتين المتعارضتين ، وفي سند الآخر أيضا رجل خبير بالمسائل مطلع على القواعد ولكن استحضاره الفعلي على أكثر المسائل الفقهيّة ليست بمثابة الآخر ، فهل هذا المقدار كاف في صدق الأفقهيّة على معارضه أم لا؟
والمقصود من هذا البيان فرض صورة الشك في المصداق وان كان قليل الوجود بل عديمه في الخارج.
والعمدة بيان حكم هذه الصورة لو وجدت ، فنقول : يشترط في التمسك بكل دليل احراز مصداقه في الخارج حتى ينطبق عليه بالضرورة مثلا لو قيل : بوجوب اكرام العالم ، واردنا اثبات وجوب الاكرام لزيد فلا بد لنا أولا اثبات كون زيد من العلماء ليصح لنا أن نقول زيد عالم ، فإذا صح هذا القول صحّ أن يقال يجب إكرامه ، لعموم : وجوب اكرام العالم ، واما مع الشك في علم زيد كيف يصح التمسك باطلاق قوله اكرم العالم؟ ففي ما نحن فيه الأمر كذلك ، إذ وجوب الترجيح بالمرجحات المنصوصة لا بدّ أن يحرز أوّلا مصداق المرجح في الخارج حتى يستدل بوجوب ترجيحه بأدلة الترجيح ، مثلا الأفقهية إذا كانت من المرجحات المنصوصة ، وأردنا أن نقدم أحد المتعارضين بهذا المرجح ، فلا بدّ أولا من اثبات أفقهيّة الراوي في أحد السندين ، ثمّ الأخذ بدليل ترجيحه ، ومع الشك في كون الرجل أفقه من صاحبه كيف يصح التمسك بدليل وجوب الترجيح بالأفقهيّة؟ وهل هذا الا نظير التمسك بالعام عند الشك في مصداق العام الذي اتفقت كلمتهم على عدم جواز التمسك به ، فحينئذ اطلاق ادلّة التخيير باق بحاله ويجب الرجوع إليه.