مورد من فرض صدور كلا المتعارضين وفرض اقترانهما أيضا ، فإن حصل به التحير حينئذ على وجه يحتاج في فهم مراد الشارع إلى بيان آخر منه ، فله العمل بتلك الأخبار ، وإلّا فلا ، كما قال : (بل مورد السؤال عن العلاج) في المتعارضين (مختص بما إذا كان المتعارضان لو فرض صدورهما) أي صدور المتعارضين (بل اقترانهما تحيّر السائل فيهما ولم يظهر المراد) أي مراد الشارع (منهما إلا ببيان آخر لاحدهما أو لكليهما).
أما الأول : كما في العامين من وجه ، مثلا : إذا ورد أكرم العلماء ، وورد أيضا : لا تكرم الفساق ، وقام الاجماع على أن الفساق مقيد بالجاهل ففي هذه الصورة يبقى اكرم العلماء على حاله.
وأما الثاني : كما في المتباينين بحسب الظهور ، كقوله (ع) ثمن العذرة سحت ولا بأس ببيع العذرة ، فإن الجمع في ذلك يتوقف على التصرف فيهما معا بتقييد كل واحد من المطلقين بصورة خاصة ، مثلا خبر الجواز نقيّده بعذرة غير الانسان ، وخبر المنع نقيّده بعذرة الانسان.
(نعم قد يقع الكلام في ترجيح بعض الظواهر على بعض ، وتعيين الأظهر) كما لو فرضنا أكثر العلماء ـ نعوذ بالله ـ فاسقين ، ودار الأمر بين تصرّف في ظهور أكرم العلماء ولا تكرم الفساق ، فنحكم بتقديم أكرم العلماء لأنه لو خصّصناه يلزم تخصيص الأكثر ، وهو قبيح (و) لكن (هذا خارج عما نحن فيه) لانّا نبحث في المقام في مورد التحيّر ، ومع لزوم الاستهجان لا تحيّر.
(وما ذكرناه) من تقديم الجمع الدلالي على ساير المرجحات (كأنه مما لا خلاف فيه كما استظهره بعض مشايخنا المعاصرين) ـ لعلّه هو شريف العلماء قده ـ (ويشهد له) أي لما استظهره قده (ما يظهر من مذاهبهم) أي العلماء ، (في الاصول) أي أصول الفقه (وطريقتهم في الفروع) أي فروع الدين كالصلاة والصوم.