التعبد بصدور الخبرين) فمعنى : صدّق العادل يعني نزّل مظنون الصدور منزلة مقطوع الصدور ، ومقتضى ذلك وجوب الأخذ بكلا الخبرين لا أخذ أحدهما ترجيحا أو تخييرا (فيدخل في قوله عليهالسلام : أنتم أفقه الناس اذا عرفتم معاني كلامنا الى آخر الرواية المتقدمة و) يدخل في (قوله عليهالسلام أن في كلامنا محكما ومتشابها فردوا متشابهها الى محكمها) أي برد الظاهر الى النص والأظهر ، للزوم الترجيح من حيث الدلالة.
والحاصل : أنّه لا أشكال في تقديم المرجح من حيث الدلالة على ساير المرجحات على ما هو مقتضى الاخبار ايضا (ولا يدخل ذلك) أي تقديم الاظهر على الظاهر ، أو الخاص على العام (في مورد السؤال عن علاج المتعارضين) لأن مورد السؤال مورد التحير ، ولا تحيّر في مثل العام والخاص المطلق إذا كان الخاص متصلا بالعام ، كما إذا قيل : أكرم العلماء الا النحاة ، فإنه يظهر منه خروج النحاة عن مورد وجوب الاكرام.
وأما اذا كان بين العام والخاص افتراق خصوصا مع تأخّر الخاص عن العام بزمان كما اذا كان العام صادرا من أحد الائمة السابقين (ع) والخاص عن أمام (ع) لاحق ، ففي بادئ النظر يمكن أن يقع للناظر في كليهما تحير وتردد في تشخيص المراد ، لكن بعد البناء على جمع الروايتين وفرضهما كرواية واحدة صدرت من لسان واحد في زمان واحد ، فحينئذ يصير حاله مثل حال المخصّص المتّصل ويرفع عن الناظر فيهما التحيّر ويصير الخاص قرينة عرفية على ما هو المراد من العام ، ولا تعارض بينهما.
وذلك لأنّ العام والخاص اللّذين هما أظهر موارد الجمع العرفي لا يصار معه الى الأخبار العلاجيّة ربّما يعدّان متنافيين متعارضين مع عدم فرض اقترانهما بحيث يحصل التحيّر للانسان لكن إذا فرضا مقترنين يرفع عنه هذا التحيّر بعدم فهم التنافي بينهما إذا كانا مقترنين عرفا بوجه فلا بدّ للعامل بالاخبار العلاجية في