مفهوم المخالفة كما أن فحوى الخطاب بمعنى مفهوم الموافقة (وكان الآخر عاريا عن ذلك ، كان العمل به) أي بالخاص (أولى من العمل بما لا يشهد له شيء من الأخبار ، واذا لم يشهد لأحد التأويلين شاهد آخر ، وكانا متحاذيين) أي كل منهما مساويا ومعارضا للآخر (كان العامل مخيّرا في العمل بأيّهما شاء) (١) بإن يؤوّل أيّهما أراد.
ملخّصه : إذا كان التعارض بين الخبرين بالعموم من وجه ، بحيث يمكن العمل بعموم كلّ واحد منهما مع العمل بالآخر في الجملة ، فمختار شيخ الطائفة قده أنّه إذا كان أحد العامين من وجه مقترنا ومعتضدا بشاهد من الخارج ، يعمل بعمومه ، وبالنتيجة يقدّم في مادّة التعارض ـ وهو مورد اجتماعهما ـ وأن لم يكن كذلك ، فالعامل بالخيار أي في مورد التعارض ، والشاهد من الخارج قد يكون منطوق رواية أخرى ، أو مفهومها ، وقد يكون الشاهد تلويحا دون أن يكون دالا ، مثلا بين أكرم العلماء ولا تكرم الفساق ، عموم من وجه ، فلو ورد خبر بهذا المضمون ، الفاسق اذا كان فسقه عن جهل فهو أقرب الى الله من العالم العاصي (٢) وأنّه يغفر للجاهل سبعون ذنبا ، قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد ، يمكن أن يؤيّد تخصيص العلماء بالعدول بهاتين الجملتين ، كما أنه يمكن تأييد تخصيص الفاسق بالجاهل بهذا الحديث ، مثلا : اطلبوا العلم ولو لغير الله فأنّه سيجر ـ أو سيئول ـ الى الله ، ولكن اذا لم يكن أحد المؤيّدين موجودا فالعامل مخيّر بين الخبرين في مادة الاجتماع وهو مورد تعارضهما ، أعني العالم الفاسق بالاكرام وعدمه ، وأما في مورد الافتراق فكلّ منهما حجة بمعنى : أن إكرام
__________________
(١) الاستبصار : ج ـ ١ (في اقسام الحديث ومحامله) ص : ٤.
(٢) عن الإمام الصادق عليهالسلام : ما أحبّ الله من عصاه ثمّ تمثّل :
تعصي الاله وأنت تظهر حبّه |
|
هذا لعمرك في الفعال بديع |
لو كان حبّك صادقاً لاطعته |
|
أنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع |
(الوسائل : الجزء ١١ ـ ص ٢٤٣). (الرواية : ٩).