(وأنما التجأنا الى طرح أحدهما) أي أحد الخبرين (بناء على تنافي ظاهريهما ، وعدم إمكان الجمع) العرفي (بينهما) أي بين الخبرين (لعدم الشاهد) على الجمع (فيصير ان) هذان الخبران المتعارضان (في حكم) العلم الإجمالي في (ما لو وجب طرح أحدهما) أي أحد الخبرين لا على التعيين (لكونه) أي كون أحدهما (كاذبا) ولا يكون كالعلم الاجمالي واقعا ، لأن في صورة العلم الاجمالي بكذب أحدهما وكان أحدهما أعدل يحصل الظن بمطابقته للواقع ، ويكون الآخر موهونا فليس فيه ملاك الحجية وهو الظن ، فيصير من باب تعارض الحجة واللاحجة ، بخلاف ما نحن فيه فانا لا نظن بعدم صدور رواية العدل ، بل نقول : أنه أيضا يفيد شأنا الظن وهو الملاك في حجية الخبر ، غير أن هذا أي خبر الأعدل أقوى منه فيكون من باب تعارض الحجّتين اللتين أحدهما أقوى من الآخر (فيؤخذ بما هو أقرب الى الصدق من الآخر) لا من باب تعارض الحجة واللاحجة ، كما في صورة العلم الاجمالي.
(والغرض من إطالة الكلام) والبسط (هنا) شيء لا بد من التعرض له ، وهو (أن) مبنى هذه الوجوه هل هو على أفادتها الظن ، أولا؟ والمصرح في عبارات القوم هو الأول ، حيث ينادون بأعلى أصواتهم بذلك ، ويستدلون على وجوب تقديم صاحب المزية بانها تفيد الظن ، بخلاف فاقدها وبذلك صرح أيضا (بعضهم) وهو سيد مشايخة في المفاتيح على ما حكى ، و (تخيل ان المرجحات المذكورة في كلماتهم) أي الأصوليين (للخبر من حيث السّند ، أو المتن بعضها) أي بعض المرجحات (يفيد الظن القوي) في الخبر الراجح (وبعضها يفيد الظن الضعيف) أيضا في الخبر الراجح ، أي بحسب درجات الرجحان ، ففيما كان درجات الرجحان أكثر ، فالظن يصير قويا ، واذا كان درجات الرجحان أقل فتفيد الرواية الظن الضعيف (وبعضها لا يفيد الظن أصلا) كالأفصح والفصيح (فحكم) هذا البعض (بحجية الأولين) أي ما يفيد الظن