لا تكرم الفساق ، وكان الأوّل موافقا للعامّة ، فإنّ مورد النزاع إنّما هو العالم الفاسق فإن أخذنا بعموم : لا تكرم الفساق ، وطرحنا عموم : أكرم العلماء ، فمادّة الاجتماع أعني : العالم الفاسق ، أيضا محرّم الاكرام ، وأن أخذنا بعموم : أكرم العلماء وابقيناه على عمومه ، وتصرّفنا في عموم : لا تكرم الفساق ، واخرجنا عن ظاهره ، فيخرج العالم الفاسق عن تحت : لا تكرم الفساق ، ويبقى مندرجا تحت عموم : أكرم العلماء ، فيجب اكرامه ، وقس على ذلك أمثلة أخرى.
(مثلا : إذا ورد الأمر بغسل الثوب) أي إذا فرضنا أنّ الخبر ورد بوجوب غسل الثوب (من أبوال ما لا يؤكل لحمه) (١) وهذا عام من حيث شموله الطير وغير الطير ، ولكنّه خاصّ من حيث عدم شموله أبوال مأكول اللّحم (وورد) أيضا خبر آخر (كلّ شيء يطير لا بأس بخرئه وبوله) (٢) وهذا عام من حيث شموله الطيور مطلقا مأكول اللحم وغيره ، ولكنّه خاصّ من حيث عدم شموله غير الطيور مطلقا مأكول اللّحم وغيره ، فيتعارضان في مادّة الاجتماع والمفروض أنّ الخبر الثاني موافق للعامّة (فدار الامر بين حمل) الخبر (الثاني) أعني كلّ شيء يطير لا بأس بخرئه وبوله (على التقيّة) وطرحه رأسا ، حتّى في مادّة الاجتماع فيحكم بنجاسة الخرء والبول من الطيور المحرّمة الأكل (وبين الحكم بتخصيص أحدهما لا بعينه) بأن أخذنا بعموم الأوّل ، وخصّصنا الثّاني ، بما يؤكل لحمه حتّى يحكم بنجاسة الخرء والبول من الطيور المحرّمة الأكل ، وان أخذنا بعموم الثاني وخصّصنا الأوّل بغير الطير فيحكم بطهارة الخرء والبول من الطيور المحرّمة الأكل (فلا وجه لترجيح التقيّة لكونها) أي التقيّة (في كلام الأئمة عليهمالسلام أغلب من التخصيص) كما ادعاه صاحب المعالم قده ، مع أنّه قيل مبالغة : ما من عامّ الّا وقد خصّ منه ، بل الرّاجح التوقف في مورد الاجتماع (فالعمدة في الترجيح بمخالفة العامّة بناء على ما تقدّم من جريان هذا المرجح
__________________
(١ و ٢) الوسائل : الجزء ٢ (ص ـ ١٠٠٨ وص ـ ١٠١٣) الرواية : ٢ و ١.