بسبب التباس غثّها بسمينها ، فلا بدّ من تنويعها الى الأنواع الأربعة (فبيّن في المقدّمة الثانية دفع هذا السؤال بأنّ معظم الاختلاف) في أخبارنا أنّما جاء (من جهة اختلاف كلمات الأئمّة عليهمالسلام مع المخاطبين ، وأنّ الاختلاف) والقاء الخلاف (أنّما هو منهم عليهمالسلام) من جهة التقيّة لا من جهة دسّ الأخبار المكذوبة حتّى يحتاج الى هذا الاصطلاح ، وأنّ التقيّة لا تنحصر فيما كان هنا قول من العامّة موافق للخبر ، لأنّ الخبر كما أنّه قد يصدر عنهم عليهمالسلام خوفا من العامّة المتوقف دفع ضررهم على موافقتهم ، كذلك كانوا يتّقون عنهم أحيانا بالقاء الخلاف بين شيعتهم ، وكانوا (ع) يجيبون في المسائل بما هو خلاف الواقع وأن لم يكن على وفق مذهب أحد من العامّة لما يريه من المصلحة في ذلك.
(وأستشهد على ذلك باخبار) ومن جملتها : ما عن الكافي (١) في الموثّق عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال سألته عن مسئلة فاجابني ، ثمّ جاءه رجل آخر فسئله عنها فاجابه بخلاف ما اجابني ، ثمّ جاء رجل آخر فاجابه بخلاف ما اجابني واجاب صاحبي ، فلمّا خرج الرجلان قلت : يا بن رسول الله رجلان من العراق من شيعتكم قدما يسألان ، فاجبت كلّ واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه فقال : يا زرارة أنّ هذا خير لنا ، وأبقى لنا ولكم ، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدّقكم الناس علينا ، ولكان أقل لبقائنا وبقائكم قال : ثمّ قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : شيعتكم لو حملتموهم على الأسنّة (نيزه) أو على النّار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين (٢) ، قال : فاجابني بمثل جواب أبيه ، فانظر الى صراحة هذا الخبر في اختلاف اجوبته عليهالسلام في مسئلة واحدة في مجلس واحد وتعجب زرارة ولو كان الاختلاف أنّما وقع لموافقة العامّة
__________________
(١) في باب اختلاف الحديث ج ١ ص ٦٥ الرواية : ١٥ ط ـ الآخوندي).
(٢) بحار الانور : ج ٢ ص ـ ٢٣٦ ، الرواية : ٢٤.