واضح لعدم قولهم بحجّية اخبار التخيير ، وإن كانوا من الخاصة وقالوا بحجية الأخبار من باب التعبّد والظن الخاص ، فلا عذر لهم في ذلك (بل حكى عن بعضهم تفريع تقديم الحاظر على تقديم الناقل) بمعنى أنّ المشهور ذهبوا إلى تقديم الناقل على المقرّر ، ثمّ فرّع عليه تقديم الحاظر على المبيح فلو كان مسئلة الحاظر غير تلك المسألة وكانت اجماعية فلا معنى للتفريع (ومن جملة هذه المرجّحات) الّتي لا تعاضد ، أحد الخبرين مع كونها مستقلّة بالاعتبار ولو خلى المورد عن الخبرين (تقديم دليل الحرمة على دليل الوجوب عند تعارضهما) مع خلوّ المقام عن المرجّحات المنصوصة ، أو عمّا هو في قوّة الظن النوعي ، ومصبّ هذا المرجّح هو ما كان المتعارضان كلاهما ناقلين عن الأصل ، إلّا أن أحدهما بالتزام الفعل والآخر بالتزام الترك فقيل بترجيح الثاني.
(واستدلّوا عليه) أي على تقديم الخبر الدال على الحرمة على الخبر الدّال على الوجوب (بما ذكرناه مفصّلا في مسائل أصالة البراءة عند تعارض احتمالي الوجوب والتحريم) وذكر في مسئلة أصالة البراءة وجوها.
الأوّل : أنّ العلماء بين قائل بالتخيير بالأخذ بالاحتمالين وجماعة عيّنوا جهة التحريم فيدور الأمر في وجوب الأخذ بالاحتمالين جانب التعيين وهو التحريم أو التخيير فالاحتياط يقتضي الأخذ بجانب التحريم لأنّه موافق لكلا القولين.
الثّاني : أنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ، إذ الغالب في الحرمة دفع مفسدة ملازمة للفعل وفي الوجوب تحصيل لمصلحة لازمة للفعل ، واهتمام الشارع والعقلاء بدفع المفسدة أتم.
الثّالث : الاستقراء فانّ الغالب في موارد اشتباه مصاديق الواجب والحرام تغليب الشارع لجانب الحرمة كما في أيّام الاستظهار والماء المشتبه بالنجس.
ولكن ضعف الكلّ واضح.