أمّا الأوّل : فلأنّه لا أصل لأصالة التعيين عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، بل مقتضى أصالة البراءة عن كلفة التعيين هو التخيير سلّمنا تلك الأصالة لكنه ثابت حيث لم يرد من الشارع بيان.
وأمّا الثّاني : فلأنّ الغلبة لو كانت مسلّمة لكن حكم العقل أو الشرع بأولويّة دفع المفسدة المحتملة على نحو الوجوب الّذي هو محلّ الكلام ممنوع ، بل كيف يسلّم ذلك مع الحكم بالاباحة في الشبهة التحريمية الخالية عن احتمال الوجوب وعدم العلم الاجمالي ، كما ذكره الشيخ قده سابقا.
وأمّا الثالث : فلأنّ ترك العبادة في أيّام الاستظهار بعد العادة ليس على سبيل الوجوب ، سلّمنا لكن لعلّه من باب مراعات اصالة بقاء الحيض وحرمة العبادة لا لترجيح جهة الحرمة على الوجوب ، وأمّا ترك العبادة في أوّل رؤية الدم أعني قبل العادة فلو لا اطلاقات النصوص وقاعدة ما أمكن أن يكون حيضا فهو حيض لكان المرجع أصالة الطهارة وعدم الحيض ووجوب العبادة فالترك للدّليل الوارد لا لترجيحه ، وأمّا حرمة استعمال الماء المشتبه بالنجس عند دخول وقت مشروط بالطهارة فلعلّه لثبوت البدل عن الطّهارة المائيّة وهو التيمم عند الاشتباه الّذي منع الشارع عن استعماله حينئذ ، وعلى فرض تسليم ترجيح جهة الحرمة في المثالين لا يحصل منهما غلبة توجب الحاق ما نحن فيه (والحق هنا التخيير) كما هو مضمون الأخبار العلاجيّة الّتي هي قريبة من التواتر (وإن لم نقل به) أي بالتخيير (في الاحتمالين) أي في غير مورد تعارض النصّين أعني مورد ما لا نصّ فيه ، واجمال النصّ والشبهة الموضوعيّة في الوجوب والتحريم (لأنّ المستفاد من الروايات الواردة في تعارض الأخبار على وجه لا يرتاب فيه) أي فيما يستفاد (هو لزوم التخيير مع تكافؤ الخبرين) المتعارضين (وتساويهما من جميع الوجوه) أي من حيث الدّلالة والصدور والجهة ولم يرجّح أحدهما بالمرجحات المنصوصة ، وعلى المسلك الآخر وسيشير إليه قده عند تساويهما في الدّلالة وعدم اقتران