منهما تعيينا بهذا وذاك (ممتنع) ولم يصدر من متكلّم حكيم إن قلت : انّ وجوب العمل المتعلّق بالجامع بينهما ، لقوله (ع) : فارجعوا فيها إلى روات حديثنا (١) وهو عنوان أحدهما القابل للانطباق على كلّ منهما ، وأيّا منهما فعل المكلّف فيكشف كونه المطلوب عند الله تعالى.
قلت (والعمل بكلّ منهما) أي من المتعارضين (تخييرا) وايكال تعيين احدهما في صورة التّعارض إلى المكلّف (لا يدلّ الكلام عليه إذ) على تقدير وجوده يستلزم ذلك استعمال اللّفظ المشترك في أكثر من معنى واحد ، لأنّه يستعمل في صورتي التعيين والتخيير و (لا يجوز ارادة الوجوب العيني) أي التعييني (بالنّسبة إلى غير المتعارضين و) ارادة الوجوب (التخييري بالنسبة إلى المتعارضين من لفظ واحد ، وأمّا العمل باحدهما الكلّي عينا) يعني إن قلنا بأنّ التخيير في المقام لا يكون شرعيّا كخصال الكفّارة (٢) لأنّ الشارع خيّرنا بين عتق رقبة ، واطعام ستّين مسكين ، وصوم شهرين متتابعين ، بل قلنا بأنّ التخيير في المقام عقليّ فكما أنّ اتيان الصلاة ينحلّ إلى أفراد طوليّة وعرضيّة ، بأنّ العقل يتخيّر بين اتيان صلاة الصبح مثلا في أي جزء من أجزاء الزّمان ، من أوّل طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس ، أو في كلّ مكان يجوز الصلاة فيه بمعنى اتيانها في الدّار ، أو في المسجد ، أو في الحرم الشريف ، أو في الحائط ، وكذلك فيما نحن فيه استعمل اللّفظ في التّعيين مطلقا.
ففي مورد عدم التعارض ، يكون كلّ فرد واجبا تعيينا ، وفي مورد التّعارض يكون التّخيير عقلا بين أفراد هذا الكلّي أعني المفهوم المنتزع من المتعارضين ليس فردا حقيقيّا للكلّي وإنّما يسري حكم الكلّي إلى أفراده الواقعيّة الخارجيّة
__________________
(١) الوسائل : الجزء ١٨ ص ـ ١٠١ الرواية : ٩.
(٢) الوسائل : الجزء ٧ ص ـ ٣٥. الرواية : ١.