ولا بد من صيغة الماضي في الطرفين.
وقيل : لو قال : أتزوجك بكذا مدة كذا منشئا ، فقالت : زوجتك ، صح.
______________________________________________________
الأصل في الإيجاب في كل عقد أن يكون مقدما على القبول ، لأن حقيقة الرضى بالإيجاب ، فلا بد من تحققه في نفسه ليمكن الرضى به ، فلو قدّم القبول في شيء من العقود اللازمة ففي اعتبار ذلك العقد قولان ، أصحهما العدم.
واستثنى المصنف وجماعة النكاح ، فجوزوا تقديم القبول فيه تعويلا على رواية تقدم ذكرها في أول كتاب النكاح ، وهي رواية سهل الساعدي (١). ولأن الحياء يمنع المرأة غالبا من الابتداء بالإيجاب ، فإذا ابتدأ هو بالقبول متضمنا لكل ما يطلب وقوع الإيجاب عليه من مهر وأجل وغيرهما خفت المؤنة عليها ، فجاز التقديم لذلك ، وبقي الجواز إذا عقد وكيلها أو وليها لقيامه مقامها.
وقد ادعى الشيخ الإجماع على الجواز (٢) ، ولا بأس بذلك وإن كان اعتبار تقديم الإيجاب لا يخلو من قوة ، لأن الأسباب بتوقيف الشارع ، وقد بيّنا فيما سبق أن الرواية لا دلالة فيها على خلاف ذلك.
قوله : ( ولا بد من صيغة الماضي في الطرفين ، وقيل : لو قال : اتزوجك بكذا مدة كذا منشئا ، فقالت : زوجتك صح ).
لما كان لفظ الفعل الماضي إذا وقع إنشاء لا يحتمل معنى آخر سوى ثبوت الفعل في الحال ، بخلاف لفظ الفعل المستقبل فإنه كما يحتمل الثبوت في الحال يحتمل في الاستقبال ، فإن بعت مثلا إذا وقع إنشاء لا يحتمل إلاّ إيقاع البيع في الحال ، بخلاف أبيع ، كان لفظ الماضي صريحا بالإضافة إلى المقصود بخلاف غيره ، فلذلك تعيّن للإنشاء في العقود اللازمة صيغة الماضي ولم يكتف بغيرها ، إذ لا يعتبر فيها إلاّ الألفاظ
__________________
(١) صحيح مسلم ٢ : ١٠٤١ حديث ١٤٢٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٣٦ حديث ٢١١١ ، سنن النسائي ٦ : ١١٣ ، سنن البيهقي ٧ : ٢٤٢.
(٢) المبسوط ٤ : ١٩٤.