______________________________________________________
ووجه القرب : إن الأصل في العوض وجوبه على من ملك المعوض ، فإن ذلك مقتضى المعاوضة ، وإنما يجب على غير المعاوض كما في المملوك إذا زوجه مولاه فإنه لا يملك شيئا ، فإذا وقع النكاح باذن المولى وجب عليه المهر لئلا يلزم الإضرار بالزوجة.
وكذا إذا زوّج الأب ابنه الصغير المعسر ، فإذا دفع الأب والمولى المهر كان دفعه عن الابن والعبد ، لأنه وإن وجب عليهما إلاّ أن الوجوب بالتحمل للعارض ، فإذا طلق الابن بعد بلوغه رجع نصف المهر إليه ، لأن دفعه عنه في قوة الهبة له وسيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى.
وكذا القول في العبد إذا طلّق بعد عتقه فإنه يستحق نصف المهر ، ولأن المهر قد خرج عن ملك المولى بدفعه إلى الزوجة وملكته ، فإذا اقتضى الفسخ ملكه كان ملكا مبتدأ ناشئا عن إخراج المعوض عن الملك فيكون للمعتق ، لأنه في مقابله ، ولأن وجوبه بسبب فسخ النكاح وهو متعلق بالمعتق ، ولا تعلق للمولى به فيكون له كسائر ما يكتسبه بعد الحرية ، لأن المانع من ملكيته ـ وهو رقه ـ منتف.
ويحتمل عوده الى المولى ، لأن المقتضي لوجوبه ـ وهو العقد ـ وقع متزلزلا فيكون وجوبه متزلزلا ، فإذا حصل الفسخ عاد الى المولى ، لعدم انقطاع علاقته به.
وفيه ضعف ، لأن وجوبه ثبت واستقر بالدخول وانقطعت علاقة المولى عنه ، وتزلزل العقد لا يقتضي تزلزله ، لأن الواجب بالفسخ غيره.
وقد يوجه الاحتمال بأن المهر لم يدخل في ملك العبد بحال حين دفعه المولى ، لأنه لا يملك فلا يعود إليه.
وفيه نظر ، لأن وجوبه على المولى بالتحمل عن العبد فله به علاقة ، وعدم ملكه إياه لوجود المانع وهو الرقية لا يمنع ملكه إياه بسبب الفسخ الذي هو حقه بعد زوال المانع ، ومن هذا يظهر أن ما قربه المصنف قريب.