______________________________________________________
واستقرب المصنف في المعتبر والعلاّمة في المنتهى سقوط الضمان مع الاجتهاد وثبوته بدونه (١) ، واستدلاّ على هذا التفصيل بأن المالك أمين على الزكاة فيجب عليه الاجتهاد والاستظهار في دفعها إلى مستحقها ، وبما رواه الشيخ في الحسن ، عن عبيد بن زرارة قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل عارف أدّى الزكاة إلى غير أهلها زمانا ، هل عليه أن يؤدّيها ثانية إلى أهلها إذا علمهم؟ قال : « نعم » قلت : فإن لم يعرف لها أهلا فلم يؤدّها أو لم يعلم أنها عليه فعلم بعد ذلك؟ قال : « يؤدّيها إلى أهلها لما مضى » قال ، قلت : فإن لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد سوء ما صنع؟ قال : « ليس عليه أن يؤدّيها مرة أخرى » (٢).
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ في التهذيب : وعن زرارة مثله غير أنه قال : « إن اجتهد فقد بريء ، وإن قصّر في الاجتهاد والطلب فلا » (٣).
ويتوجه على الأول أنه إن أريد بالاجتهاد القدر المسوّغ لجواز الدفع ولو بسؤال الفقير فلا ريب في اعتباره إلاّ أن مثل ذلك لا يسمى اجتهادا ، ومع ذلك فيرجع هذا التفصيل بهذا الاعتبار إلى ما أطلقه الشيخ في المبسوط من انتفاء الضمان مطلقا (٤) ، وإن أريد به البحث عن حال المستحق زيادة على ذلك كما هو المتبادر من لفظ الاجتهاد فهو غير واجب إجماعا على ما نقله جماعة.
وعلى الروايتين أن موردها خلاف محل النزاع ، لكنهما يدلاّن بالفحوى على انتفاء الضمان مع الاجتهاد في محل النزاع ، أما الضمان مع انتفاء الاجتهاد فلا دلالة لهما عليه في المتنازع بوجه.
وكيف كان فينبغي القطع بسقوط الضمان مع الاجتهاد ، لتحقق
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٥٦٩ ، والمنتهى ١ : ٥٢٧.
(٢) التهذيب ٤ : ١٠٢ ـ ٢٩٠ ، الوسائل ٦ : ١٤٧ أبواب المستحقين للزكاة ب ٢ ح ١.
(٣) التهذيب ٤ : ١٠٣.
(٤) راجع ص ٢٠٥ هامش ٣.