نعم لو تاب صرف إليه من سهم الفقراء ، وجاز أن يقضي هو.
______________________________________________________
ويمكن المناقشة في الأول بأن إعانة المستدين في المعصية إنما يقبح مع عدم التوبة لا مطلقا ، وفي الرواية بالطعن في السند ، فإنا لم نقف عليها مسندة في شيء من الأصول ، ومن ثمّ ذهب المصنف في المعتبر إلى جواز إعطائه مع التوبة من سهم الغارمين (١) ، وهو حسن.
واعلم أن العلاّمة ـ رحمهالله ـ ذكر في التذكرة والمنتهى أن الغارمين قسمان : أحدهما المديون لمصلحة نفسه وحكمه ما سبق ، والثاني المديون لإصلاح ذات البين بين شخصين أو قبيلتين بسبب تشاجر بينهما ، إمّا لقتيل لم يظهر قاتله ، أو إتلاف مال كذلك ، وحكم بجواز الدفع إلى من هذا شأنه مع الغنى والفقر ، ولم ينقل في ذلك خلافا ، واستدل عليه بعموم الآية الشريفة السالم من المخصص ، وبما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : « لا تحلّ الصدقة لغني إلا لخمس » وذكر رجلا تحمل حمالة (٢) ، وبأن تحمله وضمانه إنما يقبل إذا كان غنيا فأخذه في الحقيقة إنما هو لحاجتنا (٣) إليه فلم يعتبر فيه الفقر كالمؤلّفة (٤).
وجوّز الشهيد في البيان صرف الزكاة في إصلاح ذات البين ابتداء (٥). وهو حسن إلاّ أنه يكون من سهم سبيل الله لا من سهم الغارمين.
قوله : ( نعم لو تاب صرف إليه من سهم الفقراء وجاز أن يقضي هو ).
لا ريب في جواز الدفع إليه من سهم الفقراء إذا كان فقيرا ، وإنما يتوقف قضاء دين المعصية من سهم الفقراء على التوبة إن اشترطنا العدالة ، وإلاّ لم يتوقف جواز الدفع إليه على ذلك كما هو واضح.
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٥٧٥.
(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٥٩٠ ـ ١٨٤١ ، سنن أبي داود ٢ : ١١٩ ـ ١٦٣٥.
(٣) كذا ، وفي المصدر : لحاجة.
(٤) التذكرة ١ : ٢٣٣ ، والمنتهى ١ : ٥٢١.
(٥) البيان : ١٩٨.