______________________________________________________
وبالغ المصنف في المعتبر في إنكاره فقال : وقال بعض المتأخرين ، الزوجية سبب لإيجاب الفطرة ، لا باعتبار وجوب مؤنتها ، ثمّ قال : تخرج عن الناشز والصغيرة الّتي لا يمكن الاستمتاع بها ، ولم يبد حجّة عدا دعوى الإجماع على ذلك ، وما عرفنا أحدا من فقهاء الإسلام فضلا عن الإمامية أوجب الفطرة عن الزوجة من حيث هي ، بل ليس تجب فطرة إلاّ عمن تجب مؤنته ، أو يتبرع بها عليه ، فدعواه إذا عرية من الفتوى والأخبار (١).
وأمّا المملوك ، فقد قطع الأصحاب بوجوب فطرته على المولى مطلقا ، بل قال في المنتهى : أجمع أهل العلم كافة على وجوب إخراج الفطرة عن العبيد الحاضرين ، غير المكاتبين والمغصوبين ، والآبقين ، وعبيد التجارة صغارا كانوا أو كبارا ، لأنّ نفقتهم واجبة على المولى ، فيندرج تحت العموم بإيجاب الفطرة عن كل من يعوله (٢).
وقال المصنف في المعتبر : تجب الفطرة عن العبد الغائب الّذي تعلم حياته ، والآبق ، والمرهون ، والمغصوب ، وبه قال الشافعي ، وأحمد ، وأكثر أهل العلم. وقال أبو حنيفة : لا تلزمه زكاته ، لسقوط نفقته كما تسقط عن الناشز. لنا أنّ الفطرة تجب على من يجب أن يعوله ، وبالرّق تلزم العيلولة فتجب الفطرة ، وحجته ضعيفة ، لأنّا لا نسلم أنّ نفقته تسقط عن المالك مع الغيبة وإن اكتفى بغير المالك ، كما لو كان حاضرا واستغنى بكسبه (٣). هذا كلامه رحمهالله.
ويستفاد منه وجوب الفطرة عن المملوك وإن لم يكن في عيلولة المولى ، للزوم النفقة ، وهو غير جيّد ، لأنّ مقتضى الروايات أنّ الفطرة تابعة للعيلولة نفسها ، لا لوجوبها ، ومقتضى العبارة تحقق الخلاف في ذلك ، وأنّ
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٦٠١. ولكن فيه غريبة بدل عرية.
(٢) المنتهى ١ : ٥٣٤.
(٣) المعتبر ٢ : ٥٩٨.