______________________________________________________
ومن العجب قول الشهيد في الدروس : الرابع : التلبيات الأربع ، وأتمها : لبيك اللهم لبيك ، لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك. ويجزي لبيك ، اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، وإن أضاف إلى هذا : إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، كان حسنا (١). فإنّ جعلها أتم الصور يقتضي قوة مستندها بالنظر إلى مستند القولين الآخرين والحال أن ما وصل إلينا من الأخبار الصحيحة والضعيفة خال من ذلك رأسا مع صحة مستند القولين الآخرين واستفاضة الروايات بذلك ، وهم أعلم بما قالوه والله تعالى أعلم بحقائق أحكامه.
تفسير : قال في القاموس : ألبّ أقام كلبّ ، ومنه لبيك أي أنا مقيم على طاعتك إلبابا بعد إلباب وإجابة بعد إجابة. أو معناه اتّجاهي وقصدي لك من داري ، تلبّ داره أي تواجهها. أو معناه محبتي لك من امرأة لبّه محبة لزوجها. أو معناه إخلاصي لك من حسب لباب خالص (٢). انتهى.
وهو منصوب على المصدر كقولك : حمدا وشكرا ، وكان حقه أن يقال : لبّا لك ، وثنّي تأكيدا أي إلبابا لك بعد إلباب. وقد ورد في صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة أن التلبية جواب لله عزّ وجلّ قال : وأول من لبّى إبراهيم عليهالسلام قال : إن الله يدعوكم إلى أن تحجوا بيته ، فأجابوه بالتلبية فلم يبق أحد أخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل ولا بطن امرأة إلاّ أجاب بالتلبية.
وروى ابن بابويه في كتاب علل الشرائع والأحكام في الصحيح ، عن عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته لم جعلت التلبية؟ فقال : « إن الله عزّ وجلّ أوحى إلى إبراهيم عليهالسلام : ( وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً ) (٣) فنادى فأجيب من كل فجّ
__________________
(١) الدروس : ٩٧.
(٢) القاموس المحيط ١ : ١٣١.
(٣) الحج : ٢٧.