ولو احتاج في سفره إلى حركة عنيفة للالتحاق أو الفرار فضعف سقط الوجوب في عامه ، وتوقّع المكنة في المستقبل. ولو مات قبل التمكن والحال هذه لم يقض عنه.
______________________________________________________
وبين الحج أمر يعذره الله فيه ، قال : « عليه أن يحج عنه من ماله » (١). وهو احتجاج ضعيف ، فإن إحداث القول في المسألة لا يتوقف على وجود القائل إذا لم ينعقد الإجماع على خلافه كما بيناه مرارا. والرواية التي أوردها لا تنهض حجة ، لأن راويها علي بن أبي حمزة ، وقال النجاشي : إنه كان أحد عمد الواقفة (٢).
قوله : ( ولو احتاج في سفره إلى حركة عنيفة للالتحاق أو الفرار فضعف سقط الوجوب في عامه ، وتوقّع المكنة في المستقبل ، ولو مات قبل التمكن والحال هذه لم يقض عنه ).
لا ريب في سقوط الوجوب مع العجز عن الحركة المحتاج إليها في السفر ، وكذا مع المشقة الشديدة اللازمة من ذلك ، لما في التكليف بالحج معها من الحرج والعسر المنفيين بالآية والرواية. ومنه يعلم سقوط القضاء لو مات قبل التمكن من الحج ، لانتفاء شرط الوجوب ، وهو استقرار الحج في الذمة.
ويستفاد من هذه العبارة وغيرها أن من هذا شأنه لو تكلف وتحمل المشقة فأدرك الحج لم يجزئه عن حج الإسلام ، وكذا المريض والممنوع بالعدو ، لعدم تحقق الاستطاعة التي هي شرط الوجوب ، فكان كما لو تكلفه الفقير ، وبذلك صرح العلامة في التذكرة حيث قال بعد أن ذكر هذه الشرائط : إن من الشرائط ما هو شرط في الصحة والوجوب ، وهو العقل ، لأن المجنون لا يجب عليه الحج ولا يصح منه ، ومنها ما هو شرط في الصحة دون الوجوب ، وهو الإسلام ، ومنها ما هو شرط في الوجوب دون الصحة وهو
__________________
(١) المسالك ١ : ٩٠.
(٢) رجال النجاشي : ١٧٥.