الثانية : لو نوى الإفراد ثم دخل مكة جاز أن يطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة يتمتع بها ما لم يلبّ. فإن لبّى انعقد إحرامه. وقيل : لا اعتبار بالتلبية ، وإنما هو بالقصد.
______________________________________________________
وعلى الثاني أن المستفاد من الأخبار الكثيرة المتضمنة لبيان أفعال العمرة كون التقصير من جملة أفعالها وإن حصل التحلّل به كما في طواف الحج وطواف النساء ، وقد صرّح بذلك العلاّمة في المنتهى مدعيا الإجماع وهذه عبارته : أفعال العمرة هي الإحرام والطواف وركعتاه والسعي والتقصير ذهب إليه علماؤنا أجمع ، فالتقصير حينئذ نسك يثاب عليه (١). انتهى كلامه ـ رحمهالله ـ وهو صريح فيما ذكرناه ، ومتى ثبت كون التقصير نسكا تحقق الإدخال بالتلبس بإحرام الحج قبل الإتيان به جزما ، على أن اللازم ممّا ذكره المجيب من عدم اقتضاء النهي الفساد وعدم تحقق الإدخال المنهي عنه صحة الإحرام بالحج لا صيرورة الحجة مبتولة وهم لا يقولون بذلك.
ويظهر من المصنف ـ رحمهالله ـ التردد في هذه المسألة حيث اقتصر على نقل القولين من غير ترجيح لأحدهما ، وهو في محله ، وإن كان مقتضى الأصل المصير إلى ما ذكره ابن إدريس إلى أن يثبت سند الروايتين. ثم إن قلنا بصيرورة العمرة حجة مفردة كما ذكره الشيخ فيجب إكمالها ولا تجزيه عن فرضه لانتفاء الضرورة المسوّغة للعدول ، ويحتمل الإجزاء لعدم الأمر بالإعادة في الروايتين فلا تكون واجبة ، وإلاّ لتأخر البيان عن وقت الحاجة.
قوله : ( الثانية ، لو نوى الإفراد ثم دخل مكة جاز له أن يطوف ويسعى ويقصّر ويجعلها عمرة ويتمتع بها ما لم يلبّ ).
قد تقدم الكلام في ذلك وأن الأظهر اختصاصه بمن لم يتعين عليه الإفراد بالأصل أو العارض.
قوله : ( فإن لبّى انعقد إحرامه ، وقيل : لا اعتبار بالتلبية وإنما هو بالقصد ).
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٧٠٩.