ولو كان له طريقان فمنع من إحداهما سلك الأخرى ، سواء كانت أبعد أو أقرب. ولو كان في الطريق عدو لا يندفع إلا بمال ، قيل : يسقط وإن قلّ. ولو قيل : يجب التحمّل مع المكنة كان حسنا.
______________________________________________________
قوله : ( ولو كان له طريقان فمنع من إحداهما سلك الأخرى ، سواء كانت أبعد أو أقرب ).
إنما يجب سلوك الأبعد إذا لم تقصر نفقته عنه واتسع الزمان له ، أما لو قصرت نفقته عنه أو قصر الزمان عن سلوكة توقف الوجوب على إمكان سلوك الأقرب.
قوله : ( ولو كان في الطريق عدو لا يندفع إلا بمال ، قيل : يسقط وإن قلّ ، ولو قيل : يجب التحمّل مع المكنة كان حسنا ).
القول بالسقوط للشيخ (١) ـ رحمهالله ـ وجماعة ، نظرا إلى انتفاء الشرط ، وهي تخلية السرب ، والتفاتا إلى أن المأخوذ على هذا الوجه ظلم لا ينبغي الإعانة عليه ، وإن من خاف من أخذ المال قهرا لا يجب عليه الحج وإن قلّ المال وهذا في معناه.
ويتوجه على الأول : منع توقف الوجوب على تخلية السرب بالفعل ، بل الشرط التمكن من المسير ، وهو حاصل ، إذ المفروض اندفاع العدو بالمال المقدور ، وبعد تحقق الشرط يصير الوجوب مطلقا ، فتجب مقدماته كلها على ما بيناه.
وعلى الثاني : أن المدفوع على هذا الوجه لم يقصد به المعاونة على الظلم ، بل التوصل إلى فعل الواجب ، وهو راجح شرعا لا مرجوح ، كما في دفع المال إلى الظالم لاستنقاذ مسلم من الهلاك ونحوه.
وعلى الثالث : أولا منع السقوط في الأصل ، لانتفاء الدليل عليه ، وثانيا منع المساواة ، فإن بذل المال بالاختيار على هذا الوجه ليس فيه دنوة
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣٠١.