ولا نيابة المجنون لانغمار عقله بالمرض المانع من القصد ، وكذا الصبي غير المميّز.
وهل تصحّ نيابة المميّز؟ قيل : لا ، لاتصافه بما يوجب رفع القلم. وقيل : نعم ، لأنه قادر على الاستقلال بالحج ندبا.
______________________________________________________
ورد الآخر ودعوى الإجماع على مثله تحكمات يرغب عنها (١).
وهذا الكلام لا يخلو من حيف على ابن إدريس ، فإنه لم يستند في المنع في غير الأب إلى الرواية حتى يكون قد عمل ببعض الخبر ورد بعضه ، وإنما استند في ذلك إلى ما ذهب إليه من تكفير من خالف الحق ، وأنه لا ينتفع بشيء من أعماله وغير ذلك من الأدلة ، وبالجملة فقول ابن إدريس جيد على أصله ، بل لو لا صحة الرواية الواردة بالاستثناء لتعين المصير إليه.
قوله : ( ولا نيابة المجنون ، لانغمار عقله بالمرض المانع من القصد ، وكذا الصبي غير المميز ).
هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء ، والمراد بالمجنون : المطبق ، دون ذوي الأدوار ، لصحة عبادته ومعاملته وقت الإفاقة ، ولو لم يحصل الوثوق بتمكنه من العمل المستأجر عليه اتجه القول بعدم جواز نيابته أيضا.
قوله : ( وهل تصحّ نيابة المميّز؟ قيل : لا ، لاتصافه بما يوجب رفع القلم ، وقيل : نعم ، لأنه قادر على الاستقلال بالحج ندبا ).
المعروف من مذهب الأصحاب القول بالمنع ، واختاره المصنف في المعتبر ، نظرا إلى أن حج الصبي إنما هو تمرين ، والحكم بصحته بالنسبة إلى ما يراد من تمرينه لا لأنه يقع مؤثرا في الثواب (٢). وهو غير جيد ، لما بيناه فيما سبق من أن الأظهر أن عبادات الصبي شرعية يستحق عليها الثواب ،
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٧٦٦.
(٢) المعتبر ٢ : ٧٦٦.