ولو كان عاجزا عن الحج فحجّ عن غيره لم يجزئه عن فرضه ، وكان عليه الحج إن وجد الاستطاعة.
______________________________________________________
إنما وجب عليه الحج والحال هذه لتحقق الاستطاعة ـ التي هي القدرة على تحصيل الزاد والراحلة ـ بعد إجارة نفسه لذلك ، وإن كانت الإجارة غير واجبة ، لعدم وجوب تحصيل شرط الواجب المشروط.
وأورد هنا إشكال (١) ، وهو أن الوصول إلى مكة والمشاعر قد صار واجبا على الأجير بالإجارة ، فكيف يكون مجزيا عن حجة الإسلام ، وما الفرق بينه وبين ناذر الحج في سنة معينة إذا استطاع في تلك السنة لحجة الإسلام ، حيث حكموا بعدم تداخل الحجتين.
وجوابه : أن الحج الذي هو عبارة عن مجموع الأفعال المخصوصة لم تتعلق به الإجارة ، وإنما تعلقت بالسفر خاصة ، وهو غير داخل في أفعال الحج ، وإنما الغرض منه مجرد انتقال البدن إلى تلك الأمكنة ليقع الفعل ، حتى لو تحققت الاستطاعة فانتقل ساهيا أو مكرها أو على وجه محرم ثم أتى بتلك الأفعال صح الحج ، ولا يعتبر وقوعه لأجل الحج قطعا ، وهذا بخلاف نذر الحج في السنة المعينة ، فإن الحج نفسه يصير واجبا بالنذر ، فلا يكون مجزيا عن حجة الإسلام ، لاختلاف السببين ، مع احتمال التداخل فيه أيضا ، كما سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى (٢).
قوله : ( ولو كان عاجزا عن الحج فحجّ عن غيره لم يجزئه عن فرضه ، وكان عليه الحج إن وجد الاستطاعة ).
هذا مذهب الأصحاب لا أعلم فيه مخالفا. واستدل عليه في المنتهى (٣) بأن من هذا شأنه يصدق عليه بعد اليسار أنه مستطيع ولم يحج عن نفسه فيجب عليه الحج ، عملا بالمقتضي السالم من المعارض. وبما رواه
__________________
(١) كما في المسالك ١ : ٨٩.
(٢) في ص ٩٩.
(٣) المنتهى ٢ : ٦٥٤.