الثالث : الزاد والراحلة ، وهما يعتبران فيمن يفتقر إلى قطع المسافة.
______________________________________________________
القول بعدم وجوب التمكين لا يخلو من قوة.
ولو أعتقه المولى في الفاسد قبل الوقوف بالمشعر أتم حجه وقضى في القابل ، وأجزأه عن حجة الإسلام ، سواء قلنا إن الأولى عقوبة والثانية حجة الإسلام ، أم قلنا بالعكس ، أما على الأول فظاهر ، لوقوع حجة الإسلام في حال الحرية التامة ، وأما على الثاني فلما سبق من أن العتق على هذا الوجه يقتضي إجزاء الحج من حج الإسلام (١).
ولو كان العتق بعد فوات الموقفين كان عليه إتمام الحجة والقضاء ، ولا يجزئه عن حجة الإسلام ، بل تجب عليه مع الاستطاعة ، ويجب تقديمها على القضاء ، للنص والإجماع على فوريتها ، فلو بدأ بالقضاء قال الشيخ : انعقد عن حجة الإسلام ، ولو كان القضاء في ذمته ، وإن قلنا لا يجزي عن واحدة منهما كان قويا (٢). هذا كلامه رحمهالله ، وهو جيد إن قلنا باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده الخاص ، وإلاّ اتّجه صحة القضاء وإن أثم بتأخير حج الإسلام. وإنما يجب عليه حجة الإسلام مع الاستطاعة الشرعية ، فلو لم تكن حاصلة وجب القضاء خاصة ، إذ يكفي فيه الاستطاعة العادية.
قوله : ( الثالث ، الزاد والراحلة ، وهما معتبران فيمن يفتقر إلى قطع المسافة ).
أجمع العلماء كافة على أن الاستطاعة شرط في الحج ، قال الله تعالى ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (٣) وقال عزّ وجلّ ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها ) (٤).
__________________
(١) راجع ص ٣٠.
(٢) المبسوط ١ : ٣٢٨.
(٣) آل عمران : ٩٧.
(٤) البقرة : ٢٨٦.