______________________________________________________
المراد أن المفرد إنما يجوز له العدول إلى المتعة إذا لم يكن لبّى بعد الطواف والسعي ، فإن لبّى بعده امتنع منه العدول ووجب عليه المضي في حجه. وهذا الحكم ذكره الشيخ (١) وأتباعه (٢) ، واستدل عليه في التهذيب بما رواه عن موسى بن القاسم ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل يفرد الحج ثم يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ثم يبدو له أن يجعلها عمرة قال : « إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له » (٣) وهذه الرواية قاصرة من حيث السند باشتماله على إسحاق بن عمار ، واشتراك راويها بين الثقة والضعيف فوصفها بالصحة كما فعله الشارح (٤) وغيره (٥) غير جيد.
وقال ابن إدريس : لا أرى لذكر التلبية هنا وجها وإنما الحكم للنية دون التلبية (٦) ، لقوله عليهالسلام : « إنما الأعمال بالنيات » (٧) وفسر كلامه بأمرين ، أحدهما : أن الاعتبار بقصد الإهلال بالتلبية لا بالتلبية وحدها ، فيكون مقتضاه أنه لو لبّى قاصدا إلى عقد الإحرام امتنع عنه العدول إلى التمتع لا بدونه. ويشكل بأن مقتضى الرواية كون التلبية مقتضية لانعقاد الإحرام وامتناع العدول ، فإن لم نقل بموجبها امتنع كونها مؤثرة مع النية لانتفاء الدليل عليه رأسا.
الثاني : أن المراد أن الاعتبار بقصده إلى العدول إلى التمتع عملا بالحكم الثابت من جواز النقل بالنية ولا عبرة بالتلبية. وهذا المعنى أقرب إلى
__________________
(١) النهاية : ٢١٥.
(٢) كابن البراج في المهذب ١ : ٢١٧.
(٣) التهذيب ٥ : ٩٠ ـ ٢٩٥ ، الوسائل ٨ : ٢١٠ أبواب أقسام الحج ب ١٩ ح ١.
(٤) المسالك ١ : ١٠٧.
(٥) كالعلامة في المختلف : ٢٦٨.
(٦) السرائر : ١٢٦.
(٧) التهذيب ١ : ٨٣ ـ ٢١٨ ، الوسائل ١ : ٣٤ أبواب مقدمة العبادات ب ٥ ح ٧.