ليوافق ذلك عدد الأهلّة ومنازل القمر ، دون ما دان به أهل الكتاب. والشهر مأخوذ من شهرة الأمر ، لحاجة الناس إليه في معاملاتهم وغير ذلك من مصالحهم المعلّقة بالشهور.
(مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) واحد فرد وهو رجب ، وثلاثة سرد : ذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم.
(ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) أي : تحريم الأشهر الحرم هو الدين المستقيم ، دين إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام. والعرب قد تمسّكت به وراثة منهما ، فكانوا يعظّمون الأشهر الحرم ، ويحرّمون القتال فيها ، حتّى لو لقي الرجل قاتل أبيه لم يهجه.
(فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) بهتك حرمتها وارتكاب حرامها. وأكثر الأمّة على أنّ حرمة المقاتلة فيها منسوخة. وأوّلوا الظلم بارتكاب المعاصي فيهنّ ، فإنّه أعظم وزرا ، كارتكابها في الحرم وحال الإحرام. وعن عطاء أنّه لا يحلّ للناس أن يغزوا في الحرم وفي الأشهر الحرم ، إلّا أن يقاتلوا ، وما نسخت.
ويؤيّد الأوّل ما روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حاصر الطائف وغزا هوازن بحنين في شوّال وذي القعدة.
(وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) جميعا مؤتلفين غير مختلفين (كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) جميعا. وهي مصدر : كفّ عن الشيء ، فإنّ الجميع مكفوف عن الزيادة ، وقع موقع الحال من الفاعل أو المفعول (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) حثّهم على التقوى بضمان النصر لأهلها.
وفي هذه الآية دلالة على أنّ الاعتبار في السنين بالشهور القمريّة لا الشمسيّة ، والأحكام الشرعيّة معلّقة بها ، وذلك لما علم الله تعالى فيه من المصلحة ، ولسهولة معرفة ذلك على الخاصّ والعامّ.