بذلك ، وأمره أن يرسل إليهم أحدا ويضرب وجوه رواحلهم. وعمّار كان يقود دابّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحذيفة يسوقها. فقال لحذيفة : اضرب وجوه رواحلهم.
فضربها حتّى نحّاهم. فلمّا نزل قال لحذيفة : من عرفت من القوم؟ قال : لم أعرف منهم أحدا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّه فلان وفلان ، حتّى عدّهم كلّهم. فقال حذيفة : ألّا تبعث إليهم فتقتلهم؟ فقال : أكره أن تقول العرب : لمّا ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم.
وروي عن أبي جعفر عليهالسلام مثله ، إلّا أنّه قال : ائتمروا بينهم ليقتلوه ، وقال بعضهم لبعض : إن فطن نقول : إنّما كنّا نخوض ونلعب ، وإن لم يفطن نقتله. فنزلت : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) قيل : نزلت في ركب المنافقين مرّوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في غزوة تبوك ، فقالوا : انظروا إلى هذا الرجل يريد أن يفتح قصور الشام وحصونه ، هيهات هيهات. فأخبر الله تعالى به نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فدعاهم ، فقال : قلتم كذا وكذا؟ فقالوا : لا والله ما كنّا في شيء من أمرك وأمر أصحابك ، ولكن كنّا في شيء ممّا يخوض فيه الركب ليقصّر بعضنا على بعض السفر ، أي : مشقّته.
(قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ) توبيخا على استهزائهم بمن لا يصحّ الاستهزاء به ، وإلزاما للحجّة عليهم ، وإشعارا بعدم الاعتداد باعتذارهم الكاذب.
ثمّ أمر الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يقول لهؤلاء المنافقين : (لا تَعْتَذِرُوا) لا تشتغلوا باعتذاراتكم ، فإنّها معلومة الكذب (قَدْ كَفَرْتُمْ) قد أظهرتم الكفر بإيذاء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والطعن فيه (بَعْدَ إِيمانِكُمْ) بعد إظهاركم الايمان (إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ) لتوبتهم وإخلاصهم ، أو لتجنّبهم عن الإيذاء والاستهزاء (نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ) مصرّين على النفاق ، أو مقدمين على الإيذاء والاستهزاء. وقرأ