لوجه الله (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ) دوائر الزمان وحوادث الأيّام وعواقب الأمور من نوب الشدائد ، لينقلب الأمر عليكم ، وتذهب غلبتكم عليه ، فيتخلّص من الإنفاق.
(عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) اعتراض بالدعاء عليهم بنحو ما يتربّصون ، من قبيل : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا) (١). أو بالإخبار عن وقوع ما يتربّصون عليهم. والدائرة في الأصل مصدر ، أو اسم فاعل من : دار يدور. وسمّي به عقبة الزمان. والسّوء بالفتح مصدر أضيف إليه للمبالغة ، كقولك : رجل صدق. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : السّوء ، هنا وفي الفتح (٢) بضمّ السين ، وهو العذاب.
(وَاللهُ سَمِيعٌ) لما يقولون عند الإنفاق (عَلِيمٌ) بما يضمرون. قيل : هم أعراب أسد وغطفان وتميم.
ثمّ بيّن سبحانه من الأعراب المؤمنين المخلصين ، فقال : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ) سبب قربات. وهي ثاني مفعولي «يتّخذ» (عِنْدَ اللهِ) صفتها ، أو ظرف لـ «يتّخذ» (وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) وسبب صلواته ، لأنّه كان يدعو للمتصدّقين بالخير والبركة ويستغفر لهم ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهمّ صلّ على آل أبي أوفى ، لمّا أتاه أبو أوفى بصدقته.
(أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ) تقرّبهم إلى ثواب الله. وهذا شهادة من الله تعالى بصحّة معتقدهم ، وتصديق لرجائهم على الاستئناف ، مع حرف التنبيه ، و «إنّ» المحقّقة للنسبة ، والضمير لنفقتهم. وقرأ ورش : قربة بضمّ الراء. (سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ) وعد لهم بإحاطة الرحمة عليهم. والسين لتحقيقه. وقوله : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لتقريره. وهذه الآية في عبد الله ذي البجادين ورهطه.
__________________
(١) المائدة : ٦٤.
(٢) الفتح : ٦.