صدر سورة البقرة. فخّمها ابن كثير ونافع برواية قالون وحفص. وقرأ ورش بين بين. وأمالها الباقون ، إجراء لألف الراء مجرى المنقلبة من الياء.
(تِلْكَ) إشارة إلى ما تضمّنته السورة أو القرآن من الآي (آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) المراد بالكتاب السورة ، أو القرآن كلّه ، أو اللوح المحفوظ ، فإنّ القرآن منزل منه. ووصفه بالحكيم لاشتماله على الحكم ، أو لأنّه كلام حكيم ، أو محكم آياته لم ينسخ شيء منها.
(أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً) استفهام إنكار للتعجّب. و «عجبا» خبر «كان» ، واسمه (أَنْ أَوْحَيْنا). وذكر اللام للدلالة على أنّهم جعلوه أعجوبة لهم يوجّهون نحوه إنكارهم واستهزاءهم (إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ) من جنس رجالهم ، دون أن يكون عظيما من عظمائهم.
قيل : كانوا يقولون : العجب أنّ الله تعالى لم يجد رسولا يرسله إلى الناس إلّا يتيم أبي طالب. وهو من فرط حماقتهم ، وقصور نظرهم على الأمور العاجلة ، وجهلهم بحقيقة الوحي والنبوّة. هذا وإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن يقصر عن عظمائهم فيما يعتبرونه إلّا في المال ، وخفّة الحال أعون شيء في هذا الباب ، ولذلك كان أكثر الأنبياء قبله كذلك.
وقيل : تعجّبوا من أنّه عزوجل بعث بشرا رسولا ، كما سبق (١) في سورة الأنعام.
(أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ) «أن» هي المفسّرة لـ «أن أوحينا» فيه معنى القول ، أو المخفّفة من الثقيلة ، فتكون في موضع مفعول «أوحينا». وأصله : أوحينا أنّ الشأن قولنا : أنذر الناس.
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) عمّم الإنذار ، إذ قلمّا من أحد ليس فيه ما ينبغي أن
__________________
(١) راجع ج ٢ ص ٤٢٧ ذيل الآية ٩١ من سورة الأنعام.