متزاحفين. حال من (الَّذِينَ كَفَرُوا). والزحف : الجيش الدهم (١) الّذي يرى لكثرته كأنّه يزحف ، أي : يدبّ دبيبا ، من : زحف الصبيّ إذا دبّ على استه قليلا قليلا ، سمّي بالمصدر. والجمع زحوف. والمعنى : إذا لقيتموهم للقتال وهم كثير جمّ وأنتم قليل. (فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) فلا تنصرفوا عنهم منهزمين من العدوّ.
ويجوز أن يكون حالا من الفاعل والمفعول ، أي : إذا لقيتموهم متزاحفين يدبّون إليكم وتدبّون إليهم فلا تنهزموا. أو حال من الفاعل ، كأنّهم أخبروا بما سيكون منهم يوم حنين حين تولّوا مدبرين وهم زحف اثنا عشر ألفا.
(وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ) يريد الكرّ بعد الفرّ ، يخيّل عدوّه أنّه منهزم ثمّ يعطف عليه ، وهو باب من خدع الحرب ومكايدها. أو يكون التحرّف لأجل إصلاح لأمته (٢) وسائر أسلحته (أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ) أو منحازا إلى فئة اخرى من المسلمين على القرب ليستعين بهم. وانتصابهما على الحال ، و «إلّا» لغو لا عمل لها. أو على الاستثناء من المولّين ، أي : ومن يولّهم إلّا رجلا منهم متحرّفا أو متحيّزا. ووزن متحيّز متفيعل لا متفعّل ، لأنّه من : حاز يحوز ، فبناء متفعّل منه متحوّز.
(فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) هذا إذا لم يزد العدوّ على الضعف ، لقوله : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) (٣) الآية.
وقيل : الآية مخصوصة بأهل بيته والحاضرين معه في الحرب.
وعن ابن عبّاس : أنّ الفرار من الزحف من أكبر الكبائر.
روي أنّه لمّا طلعت قريش من العقنقل قال صلىاللهعليهوآلهوسلم داعيا لله تعالى : هذه قريش
__________________
(١) الدّهم : العدد الكثير.
(٢) اللأمة : الدرع.
(٣) الأنفال : ٦٦.