وقال : ما قول الأمير في عبد لرجل نشأ في ماله ونعمته فكفر نعمته في حقّه وادّعى السيادة دونه؟ فكتب فرعون فيه : يقول أبو العبّاس الوليد بن مصعب : جزاء العبد الخارج على سيّده الكافر نعماءه أن يغرّق في البحر. فلمّا ألجمه (١) الغرق ناوله جبرئيل خطّه فعرفه ثمّ غرق.
وروى عليّ بن إبراهيم بن هاشم بإسناده عن الصادق عليهالسلام قال : ما أتى جبرئيل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا كئيبا حزينا ، ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون ، فلمّا أمره الله سبحانه بنزول هذه الآية نزل وهو ضاحك مستبشر ، فقال : حبيبي جبرئيل ما أتيتني إلّا وتبيّنت الحزن في وجهك حتّى الساعة. قال : نعم يا محمّد لمّا أغرق الله فرعون قال : آمنت أنّه لا إله إلّا الّذي آمنت به بنو إسرائيل ، فأخذت حمأة فوضعتها في فيه ، فقلت : الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ، ثمّ خفت أن تلحقه الرحمة من عند الله ويعذّبني على ما فعلت ، فلمّا كان الآن وأمرني أن أودّي إليك ما قلته أنا لفرعون أمنت وعلمت أنّ ذلك كان لله رضا.
(فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ) ننقذك ممّا وقع فيه قومك من قعر البحر ونجعلك طافيا ، أو نلقيك على نجوة من الأرض ـ وهي المكان المرتفع ـ ليراك بنو إسرائيل. وقرأ يعقوب : ننجيك ، من : أنجى. (بِبَدَنِكَ) في موضع الحال ، أي : في الحال الّتي لا روح فيك ، يعني : عاريا عن الروح ، وإنّما أنت بدن فقط. أو كاملا سويّا ، لم ننقص منه شيئا ولم يتغيّر. أو عريانا من غير لباس. أو بدرعك ، وكانت له درع من ذهب يعرف بها.
(لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) لمن وراءك علامة. وهم بنو إسرائيل ، إذ كان في أنفسهم أنّ فرعون أجلّ شأنا من أن يغرق ، حتّى كذّبوا موسى عليهالسلام حين أخبرهم بغرقه ، فألقاه الله على الساحل حتّى عاينوه مطروحا على ممرّهم من الساحل. أو
__________________
(١) ألجم الماء فلانا : بلغ فاه.