(وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) القرآن والمواعظ سماع فهم وتصديق.
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا) كالكفرة أو المنافقين الذين ادّعوا السماع (وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) سماعا ينتفعون به ، لأنّهم ليسوا بمصدّقين ، فكأنّهم لا يسمعون رأسا.
والمعنى : أنّكم تصدّقون بالقرآن والنبوّة ، فإذا تولّيتم عن طاعة الرسول في بعض الأمور ـ من قسمة الغنائم وغيرها ـ كان تصديقكم كلا تصديق ، وأشبه سماعكم سماع من لا يؤمن به.
ثمّ قال ذمّا للمعرضين عن أمر الله ورسوله : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ) أي : شرّ ما يدبّ على الأرض ، أو شرّ البهائم (الصُّمُ) عن سماع الحقّ (الْبُكْمُ) عن قراءته (الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) شيئا منه. عدّهم من البهائم أوّلا ثمّ جعلهم شرّها ، لإبطالهم ما ميّزوا به وفضّلوا لأجله ، وهو العقل.
(وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ) في هؤلاء الصمّ البكم (خَيْراً) انتفاعا باللطف (لَأَسْمَعَهُمْ) للطف بهم حتّى يسمعوا سماع المصدّقين (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ) أي : ولو لطف بهم وقد علم أن لا خير فيهم (لَتَوَلَّوْا) عنه ولم ينتفعوا به. أو ولو لطف بهم فصدّقوا لارتدّوا بعد التصديق والقبول ، وكذّبوا فلم يستقيموا (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) لعنادهم. وفي هذا دلالة على أنّه سبحانه لا يمنع أحدا اللطف ، إذا علم أنّه ينتفع به.
وقال الباقر عليهالسلام : «بنو عبد الدار لم يسلم منهم غير مصعب بن عمير وسويد بن حرملة». وكانوا يقولون : نحن صمّ بكم عمّا جاء به محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد قتلوا جميعا بأحد ، وكانوا أصحاب اللواء.
وقيل : قالوا للنبيّ : أحي لنا قصيّا ، فإنّه كان شيخا مباركا حتّى يشهد لك فنؤمن بك. فالمعنى : لأسمعهم كلام قصيّ.
وعن ابن جريج : هم المنافقون. وعن الحسن : هم أهل الكتاب.