للظلم فيصيب العقاب أو أثر الذنب ووباله من ظلم منكم خاصّة. وكذلك إذا جعلته صفة على إرادة القول ، كأنّه قيل : واتّقوا فتنة مقولا فيها : لا تصيبنّ. ونظيره قوله :
حتّى إذا جنّ الظلام واختلط |
|
جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط |
والمذق اللبن المخلوط بالماء. والمعنى : بمذق مقول فيه هذا القول ، لأنّ فيه لون الورقة (١) الّتي هي لون الذئب. ويعضده قراءة ابن مسعود : لتصيبنّ ، على جواب القسم المحذوف. ويكون «من» للتبيين على هذا ، لأنّ المعنى : لا تصيبنّكم خاصّة على ظلمكم ، لأنّ الظلم أقبح منكم من سائر الناس ، وللتبعيض على الوجه الأوّل.
وفي الكشّاف : «روي عن الحسن : أنّها نزلت في عليّ وعمّار وطلحة والزبير ، وهو يوم الجمل خاصّة. قال الزبير : نزلت فينا وقرأناها زمانا ، وما أرانا من أهلها ، فإذا نحن المعنيّون بها».
وروي : أنّ الزبير كان يساير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوما ، إذا أقبل عليّ عليهالسلام ، فضحك إليه الزبير ، فقال رسول الله : كيف حبّك لعليّ؟ فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمّي ، إنّي أحبّه كحبّي لوالدي أو أشدّ حبّا. قال : فكيف أنت إذا سرت إليه تقاتله؟». (٢)
وقال في المجمع (٣) : «روى الثعلبي بإسناده عن حذيفة أنّه قال : أتتكم فتن كقطع الليل المظلم ، يهلك فيها كلّ شجاع بطل ، وكلّ راكب موضع ، وكلّ خطيب مصقع (٤)».
وفي حديث أبي أيّوب الأنصاري أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعمّار : «إنّه سيكون بعدي هنات ، حتّى يختلف السيف فيما بينهم ، وحتّى يقتل بعضهم بعضا ، وحتّى يبرأ بعضهم من بعض ، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني عليّ بن أبي طالب ،
__________________
(١) الورقة : سواد في غبرة ، والأورق : الذي لونه لون الرماد.
(٢) الكشّاف ٢ : ٢١٢.
(٣) مجمع البيان ٤ : ٥٣٤.
(٤) راكب موضع أي : مسرع ، والمصقع : البليغ.