ويبدله بالخوف أمنا ، وبالأمن خوفا ، وبالذكر نسيانا ، وبالنسيان ذكرا ، وما أشبه ذلك ممّا هو جائز عليه تعالى. ومنه قول أمير المؤمنين عليهالسلام : «عرفت الله بفسخ العزائم».
وما جاء في الدعاء : يا مقلّب القلوب.
وروى يونس بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «أنّ الله يحول بين المرء وقلبه» معناه : لا يستيقن القلب أنّ الحقّ باطل أبدا ، ولا يستيقن القلب أنّ الباطل حقّ أبدا».
وروى هشام بن سالم عنه قال : «معناه : يحول بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حقّ». أوردهما العيّاشي في تفسيره (١).
(وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) فيجازيكم بأعمالكم على حسب سلامة القلوب وإخلاص الطاعة.
(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) أي : اتّقوا ذنبا يعمّكم أثره ، كترك النهي عن المنكر ، والمداهنة في الأمر بالمعروف ، وافتراق الكلمة ، وإظهار البدع ، والتكاسل في الجهاد. وقيل : الفتنة العذاب.
وقوله : «لا تصيبنّ» لا يخلو : إما أن يكون جوابا للأمر ، أو نهيا بعد أمر معطوفا عليه بحذف الواو ، أو صفة لـ «فتنة».
فإذا كان جوابا فالمعنى : إن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصّة ، بل تعمّكم. وإنّما جاز دخول النون في جواب الشرط ، مع أنّه متردّد لا يليق به النون المؤكّدة ، لأنّ فيه معنى النهي فساغ ، كقوله : (ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ) (٢) ، وكما تقول : انزل عن الدابّة لا تطرحك ، ويجوز ، لا تطرحنّك.
وإذا كانت نهيا ـ بعد أمر باتّقاء الذنب ـ عن التعرّض للظلم ، فإنّ وباله يصيب الظالم خاصّة ويعود عليه. فكأنّه قيل : واحذروا ذنبا أو عقابا ، ثمّ قيل : لا تتعرّضوا
__________________
(١) تفسير العيّاشي ٢ : ٥٢ ح ٣٦ و ٣٩.
(٢) النمل : ١٨.