بالمطامع (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أفلا تستعملون عقولكم ، فتعرفوا المحقّ من المبطل ، والصواب من الخطأ.
(وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) اطلبوا مغفرة الله بالإيمان (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) ثمّ توسّلوا إليها بالتوبة ، فإنّ التبرّي عن الغير إنّما يكون بعد الإيمان بالله والرغبة فيما عنده (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) كثير الدرور ، كالمغزار (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ) ويضاعف قوّتكم. وإنّما رغّبهم بكثرة المطر وزيادة القوّة ، لأنّهم كانوا أصحاب زروع وبساتين وعمارات ، حرّاصا عليها أشدّ الحرص ، فكانوا أحوج إلى الماء والقوّة في صنع العمارات.
وقيل : حبس الله عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم ثلاث سنين ، فوعدهم هود عليهالسلام على الإيمان والتوبة كثرة الأمطار وتضاعف القوّة على النكاح بالتناسل.
(وَلا تَتَوَلَّوْا) لا تعرضوا عمّا أدعوكم إليه (مُجْرِمِينَ) مصرّين على إجرامكم.
وفي الكشّاف عن الحسن بن عليّ عليهالسلام : «أنّه وفد على معاوية فلمّا خرج تبعه بعض حجّابه فقال : إنّي رجل ذو مال ولا يولد لي ، فعلّمني شيئا لعلّ الله يرزقني ولدا. فقال : عليك بالاستغفار. فكان يكثر الاستغفار حتّى ربما استغفر في يوم واحد سبعمائة مرّة ، فولد له عشرة بنين. فبلغ ذلك معاوية فقال : هلّا سألته ممّ قال ذلك؟ ، فوفد وفدة أخرى ، فسأله الرجل فقال : ألم تسمع قول هود عليهالسلام : «ويزدكم قوّة إلى قوّتكم» وقول نوح عليهالسلام : (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) (١)» (٢).
(قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ) بحجّة تدلّ على صحّة دعواك. وهو لفرط عنادهم وعدم اعتدادهم بما جاءهم من المعجزات ، كما قالت قريش لرسول
__________________
(١) نوح : ١٢.
(٢) الكشّاف ٢ : ٤٠٢.