لأنّ الأنبياء منهم ، وكلّهم من ولد إبراهيم» (١).
ونصب «أهل البيت» على المدح ، أو النداء لقصد التخصيص ، كقولهم : اللهم اغفر لنا أيّتها العصابة.
روي : «أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام مرّ بقوم فسلّم عليهم ، فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه. فقال عليهالسلام : لا تجاوزوا بنا ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيم : ورحمة الله وبركاته أهل البيت».
(إِنَّهُ حَمِيدٌ) فاعل ما يستوجب به الحمد (مَجِيدٌ) كثير الخير والإحسان.
(فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ) ما أوجس من الخيفة ، واطمأنّ قلبه بعرفانهم أنّهم الملائكة (وَجاءَتْهُ الْبُشْرى) بدل الروع (يُجادِلُنا) يجادل رسلنا (فِي قَوْمِ لُوطٍ) في شأنهم. وكانت مجادلته إيّاهم قوله لهم : إن كان فيها خمسون من المؤمنين أتهلكونهم؟ قالوا : لا. قال : فأربعون؟ قالوا : لا. فما زال ينقص حتّى قال : فواحد؟ قالوا : لا. فقال : إنّ فيها لوطا؟ قالوا : نحن أعلم بمن فيها ، لننجّينّه وأهله.
وقيل : إنّه جادلهم وقال : بأيّ شيء استحقّوا عذاب الاستئصال؟ وهل ذلك واقع لا محالة ، أم هو تخويف ليرجعوا إلى الطاعة؟ وبأيّ شيء يهلكون؟ وكيف ينجي المؤمنين؟
وقوله : «يجادلنا» إمّا جواب «لمّا» ، جيء به مضارعا على حكاية الحال. أو لأنّه في سياق الجواب بمعنى الماضي ، كجواب «لو». أو دليل جوابه المحذوف ، مثل : اجترأ على خطاب رسلنا ، أو شرع في جدالهم. أو متعلّق بالجواب أقيم مقامه ، مثل : أخذ أو أقبل يجادل رسلنا.
(إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ) غير عجول على الانتقام من المسيء إليه (أَوَّاهٌ) كثير التأوّه من الفرطات ، والتاسّف على صدور ما هو تركه أولى (مُنِيبٌ) راجع إلى الله تعالى بما يحبّ ويرضى. وفيه بيان الحامل له على المجادلة ، وهو رقّة قلبه وفرط
__________________
(١) الكشّاف ٢ : ٤١١.