(وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ) ساءه مجيئهم ، لأنّهم جاؤوه في صورة غلمان حسان الوجوه ، فظنّ أنّهم أناس ، فخاف عليهم خبث قومه وسوء سيرتهم ، فيعجز عن مدافعتهم. وقرأ نافع وابن عامر والكسائي : سيء وسيئت بإشمام السين الضمّ ، وفي العنكبوت (١) والملك (٢). والباقون باختلاس حركة السين.
(وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) وضاق بمكانهم صدره. وهو كناية عن شدّة الانقباض ، للعجز عن مدافعة المكروه والاحتيال فيه. (وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ) شديد ، من : عصبه إذا شدّه.
قال الصادق عليهالسلام : «جاءت الملائكة لوطا وهو في زراعة قرب القرية فسلّموا عليه ، ورأى هيئة حسنة عليهم ثياب بيض وعمائم بيض. فقال لهم : ائتوا المنزل ، فتقدّمهم ومشوا خلفه. فقال في نفسه : أيّ شيء صنعت؟! آتي بهم قومي وأنا أعرفهم ، فالتفت إليهم فقال : لتأتون شرارا من خلق الله. وكان قد قال الله لجبرئيل : لا تهلكهم حتّى يشهد لوط عليهم ثلاث مرّات. فقال جبرئيل : هذه واحدة. ثمّ مشى لوط ثم التفت إليهم فقال : إنّكم لتأتون شرارا من خلق الله. فقال جبرئيل : هذه ثنتان. ثمّ مشى ولمّا بلغ باب المدينة التفت إليهم فقال مثل ذلك. فقال جبرئيل عليهالسلام : هذه الثالثة. ثمّ دخل ودخلوا معه حتّى دخل منزله ، ولمّا رأت امرأته هيئة حسنة صعدت فوق السطح فصفقت فلم يسمعوا ، فدخنت ، فلمّا رأوا الدخان أقبلوا يهرعون ، فذلك قوله : (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) يسرعون إليه ، كأنّهم يدفعون دفعا لشدّة طلب الفاحشة من أضيافه.
__________________
(١) العنكبوت : ٣٣.
(٢) الملك : ٢٧.