قال : ثمّ أحجم (١) الناس. فقال : ما لكم يا معشر المسلمين؟
فقالوا : لا والله ما عندنا شيء.
قال : سمعت حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : أرجى آية في كتاب الله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ). وقرأ الآية كلّها. يا عليّ ، والذي بعثني بالحقّ بشيرا ونذيرا إنّ أحدكم ليقوم من وضوئه فتساقط عن جوارحه الذنوب ، فإذا استقبل الله بوجهه وقلبه ، لم ينفتل (٢) وعليه من ذنوبه شيء كما ولدته أمّه ، فإن أصاب شيئا بين الصلاتين كان له مثل ذلك ، حتّى عدّ الصلوات الخمس.
ثمّ قال : يا عليّ إنّما منزلة الصلوات الخمس لأمّتي كنهر جار على باب أحدكم ، فما يظنّ أحدكم لو كان في جسده درن (٣) ، ثمّ اغتسل في ذلك النهر خمس مرّات ، أكان يبقى في جسده درن؟! فكذلك والله الصلوات الخمس لأمّتي».
وقيل : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) معناه : أنّ الدوام على فعل الحسنات يدعو إلى ترك السيّئات ، فكأنّها تذهب بها.
وقيل : إنّ المراد بالحسنات التوبة ، فإنّها تذهب السيّئات ، بأن تسقط عقابها ، لأنّه لا خلاف في أنّ العقاب يسقط عند التوبة.
(وَاصْبِرْ) على الطاعات ، وعن المعاصي (فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) عدول عن المضمر ليكون كالبرهان على المقصود ـ والّذي هو الأمر بالصبر ـ ودليلا على أنّ الصلاة والصبر إحسان دائما.
وهذه الآيات اشتملت على الاستقامة ، وإقامة الصلوات ، والانتهاء عن الطغيان ، وعن الركون إلى الظلمة ، وغير ذلك من الحسنات.
__________________
(١) أي : كفّوا وامتنعوا.
(٢) أي : لم ينصرف.
(٣) الدرن : الوسخ.