(وَيُعَلِّمُكَ) كلام مبتدأ غير داخل في حكم التشبيه الّذي يفهم من «كذلك» ، لأنّه يلزم أن يكون تعليم التعبير أيضا سابقا ، فيلزم أن يعلم تعبير رؤياه قبل ذلك الوقت ، وليس كذلك ، لأنّ هذا التعليم في مستقبل الزمان ، لقوله : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) (١). كأنّه قيل : وهو يعلّمك.
(مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) من تعبير الرؤيا. سمّى التعبير تأويلا ، لأنّه يؤول أمره إلى ما رأى في المنام. وسمّى الرؤيا أحاديث ، لأنّها أحاديث تلك الرؤيا إن كانت صادقة ، وأحاديث النّفس أو الشيطان إن كانت كاذبة. أو من تأويل غوامض كتب الله تعالى ، وسنن الأنبياء ، وكلمات الحكماء. وهو اسم جمع للحديث ، كأباطيل اسم جمع للباطل.
روي : أنّ يوسف أعبر الناس للرؤيا ، وأصحّهم عبارة لها.
(وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) معنى إتمام النعمة : أنّه وصل لهم نعمة الدنيا بنعمة الآخرة ، فجعلهم أنبياء وملوكا ، ثمّ نقلهم إلى نعيم الآخرة والدرجات العلى من الجنّة (وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ) يريد أهله ونسله ، بأن يثبّتهم على ملّة الإسلام ، ويشرّفهم بمكانك ، ويجعل فيهم النبوّة. وأصل آل : أهل ، بدليل أن تصغيره اهيل ، إلّا أنّه لا يستعمل إلّا فيمن له خطر ، فيقال : آل النبيّ وآل الملك.
(كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ) بالرسالة. وقيل : على إبراهيم عليهالسلام بالخلّة والإنجاء من النار ، وعلى إسحاق بإنقاذه من الذبح ، وفدائه بذبح عظيم.
وقيل : بإخراج يعقوب والأسباط من صلبه. والقول الأخير قول أكثر المفسّرين.
(مِنْ قَبْلُ) من قبلك ، أو من قبل هذا الوقت (إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ) عطف بيان لـ «أبويك» (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ) بمن يستحقّ الاجتباء (حَكِيمٌ) يفعل الأشياء على ما ينبغي.
__________________
(١) يوسف : ٢١.