ويخلّصوك من محنتك. وإنّما لم يجزم الكلام فيهما ، لأنّه لم يكن جازما بالرجوع ، فربما اخترم دونه ، ولا بعلمهم ، فربما لم يعلموا.
(قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً) أي : على عادتكم المستمرّة. وانتصابه على الحال ، بمعنى : دائبين. أو المصدر ، بإضمار فعله ، أي : تدأبون دأبا ، وتكون الجملة حالا. وقرأ حفص : دأبا بفتح الهمزة. وكلاهما مصدر : دأب في العمل إذا اعتاد فيه. وقيل : «تزرعون» خبر في معنى الأمر ، أخرجه في صورة الخبر مبالغة في تحقّق الفعل ، لقوله : (فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ) كيلا يأكله السوس. وهو ـ على أنّه خبر لا أمر ـ نصيحة خارجة عن العبارة. (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ) في تلك السنين.
(ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَ) أي : يأكل أهلهنّ ما ادّخرتم لأجلهنّ ، وذلك متعارف ، كما يقال : دّخرت الحبوب للسنين وإن كان في الحقيقة لأهلها. فأسند إليهنّ على المجاز تطبيقا بين المعبّر ـ وهو البقرات والسنبلات ـ والمعبّر به ، وهو السنين. (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ) تحرزون وتخبؤن لبذور الزراعة.
ثمّ بشّرهم بعد الفراغ من تأويل الرؤيا بأن العام الثاني يجيء مباركا خصيبا ، كثير الخير ، غزير النعم ، فقال : (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ) يمطرون ، من الغيث. أو يغاثون من القحط ، من الغوث. (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) ما يعصر ، كالعنب والزيتون والسمسم ، لكثرة الثمار. وقيل : يحلبون الضروع. وقرأ حمزة والكسائي بالتاء على تغليب المستفتي. وهذه بشارة بشّرهم بها بعد أن أوّل البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبة ، والعجاف واليابسات بسنين مجدبة ، وابتلاع العجاف السمان بأكل ما جمع في السنين المخصبة في السنين المجدبة. وعلم ذلك كلّه بالوحي. ويحتمل أن علم ذلك بأن انتهاء الجدب