والاستشهاد بعلم الله تعالى عليه ، وعلى أنّه بريء ممّا قذف به ، والوعيد لهنّ على كيدهنّ.
عن ابن عبّاس : لو خرج يوسف يومئذ قبل أن يعلم الملك بشأنه ما زالت في نفس العزيز منه حالة ، يقول : هذا الّذي راود امرأتي.
وقيل : أشفق يوسف من أن يراه الملك بعين مشكوك في أمره متّهم بفاحشة ، فأحبّ أن يراه بعد أن يزول عن قلبه ما كان فيه.
روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره ـ والله يغفر له ـ حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتّى أشترط أن يخرجوني من السجن. ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه ـ والله يغفر له ـ حين أتاه الرسول فقال : ارجع إلى ربّك ، ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبث لأسرعت الإجابة ، وبادرتهم الباب ، وما ابتغيت العذر ، إنّه كان لحليما ذا أناة».
(قالَ ما خَطْبُكُنَ) قال الملك لهنّ : ما شأنكنّ. والخطب أمر يحقّ أن يخاطب فيه صاحبه. (إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ) تنزيه له تعالى وتعجّب من قدرته على خلق عفيف مثله (ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) من ذنب. (قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ) ثبت واستقرّ ، من : حصحص البعير إذا ألقى مباركة ليناخ. أو ظهر ، من حصّ شعره إذا استأصله بحيث ظهرت بشرة رأسه. (أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) في قوله : (هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي). ولا مزيد على شهادتهنّ له بالبراءة والنزاهة ، واعترافهنّ على أنفسهنّ بأنّه لم يتعلّق بشيء ممّا قرفنه (١) به ، لأنّهنّ خصومه ، وإذا اعترف الخصم بأنّ صاحبه على الحقّ وهو على الباطل لم يبق لأحد مقال.
__________________
(١) قرف فلانا بكذا : عابه أو اتّهمه به.